Ikrarin Yaron Zamani

Filiks Faris d. 1358 AH
151

Ikrarin Yaron Zamani

اعترافات فتى العصر

Nau'ikan

ولو أنني نبهتها من رقادها الآن لأقول لها: إن ساعتها قد دنت، وإننا سنطلق روحينا بآخر عناق، وآخر قبلة، فإنها لن تتردد في القبول، وليكن بعد ذلك ما يكون، فأين الدليل على أن كل شيء لا ينتهي بالموت إلى الفناء؟

وكنت مشهرا بيدي سكينا عثرت عليه.

أهو الخوف أم الجبن أم التوهم الذي جر التفكير إلى الاعتقاد بالحياة الأخرى؟ وما يعلم عنها من يقولون بها؟ إن تلك الحياة قد أوجدت للجاهلين وللغوغاء من الناس، وما بلغ الاعتقاد بها في أحد مبلغ اليقين؛ إذ لم ير أحد من نواطير القبور ميتا يخرج من قبره ليذهب إلى بيت كاهن فيقرع بابه. وقد مضى الوقت الذي كانت تتراءى فيه أشباح الأموات للأحياء، بعد أن حظرت الشرطة اقتحام المعمور على الآبقين من معقل الموت، فما يهتف من قبور هذه الأيام إلا من سارع الناس إلى مواراته التراب قبل خمود أنفاسه. من أخرس الموت في هذا الزمان إذا كان قد أسمع صوته من قبل؟ فهل اختار الروح المنطلق السكوت كيدا؛ لأن الحكومات تمنع المؤمنين من الاحتشاد على الطرق لإقامة شعائر الدين؟

إن في الموت النهاية والهدف. لقد وضع الله الموت حدا، والبشر يتناقشون في أمره، وقد كتب على جبين كل منهم: إنك فريسة الموت شئت أم أبيت.

وماذا يقول الناس إذا أنا قتلت بريجيت؟ ليقولوا ما يشاءون، فلن تسمع ولن أسمع أنا بما سيتشدقون. ستنشر غدا إحدى الجرائد أن أوكتاف ت ... قتل خليلته، وبعد غد لن يتحدث بنا أحد، ويرجع كل من شيع نعشنا إلى بيته ليتناول غذاءه على عادته، وأبقى أنا وبريجيت تحت أطباق الثرى في رقاد عميق لا تنبهنا منه الأقدام السائرة فوق ترابنا.

أفلا ترين - أيتها الحبيبة - أننا سنرقد هنالك بسلام؟ أفليس التراب خير فراش وثير نتوسده فلا تجتاحه الأوصاب والأوجاع، ولن يقوم في جواره من سكان القبور من يغتابنا مقبحا اتحادنا أمام الله. هنالك ستتعانق عظامنا وقد تعرت عن كل كبرياء واضطراب، وما يعقده الموت المعزي لا يحل، وما يجمعه لا يبدد.

لماذا ترتعش فرقا من العدم أيها الجسد المعد ليكون فريسة له؟ كل ساعة تمر من الزمان إنما هي خطوة من قدميك نحو الفناء تقطع بها حلقة من سلسلة حياتك، وما غذاؤك إلا من كل شيء ميت، فالسماء تثقل عليك، والأرض التي تطؤها بقدميك تشد بهما لتجتذبك إليها. انزل ... انزل إلى الحفرة ودع عنك هذا الخوف؛ لأنك لا ترتعش إلا لكلمة الموت، فما عليك إلا أن تقول: إنني لن أحيا بعد، وهل الحياة إلا وقر ينفس الإنسان عن كربه باطراحه؟ ولماذا نقف تجاه الموت مترددين إذا كان قد تحتم علينا الوصول إليه عاجلا أو آجلا.

إن المادة لا تفنى، وقد عالج العلماء بكل ما لديهم من الوسائل ذرة منها، فعجزوا عن إخراجها من حيز الوجود إلى العدم. فإذا كان لا مسيطر على المادة إلا تصاريف الصدفة العمياء، فأي شر ترتكبه إذا هي انتقلت من عذاب إلى عذاب آخر، ما دامت عاجزة عن استبدال سيدها المسيطر عليها؟ وهل يهتم الله للشكل الذي أبدو فيه، وللثوب الذي تتشحه أوجاعي؟ إن عذابي مستقر في جمجمتي، وهذا العذاب إنما هو ملكي وأنا حر في القضاء عليه. أما الأكرة العظمية فليست لي، فأنا أعيدها إلى من أودعني إياها، أتخلى عنها للأرض، فليتخذها شاعر كأسا يحتسي فيها خمرة جديدة.

أية ملامة أستحق إذا أنا فعلت، ومن ذا الذي يوجه هذه الملامة إلي؟ وأي قاض صارم سيحكم بالخيانة علي وهو لا يعلم شيئا من أمري؛ لأنه لم يكن كامنا في أحشائي؟

إذا كان قد قضي على كل مخلوق بقسط من العمل لا بد له من القيام به، وإذا كان التمرد على هذا العمل جريمة، فيا للأطفال الذين يموتون على أثداء المرضعات من مجرمين! لماذا يعفى عن هؤلاء الآبقين؟ ومن من الأحياء يستفيد من الحساب الذي يؤديه الأموات؟

Shafi da ba'a sani ba