Ikrarin Yaron Zamani

Filiks Faris d. 1358 AH
149

Ikrarin Yaron Zamani

اعترافات فتى العصر

Nau'ikan

إنك لن تقوم بأي عمل دون أن يذهب عملك مثيرا الشقاء في أعماق أحشائك، فكل ما تهتاج له روحك ينبه فيها تأسفا على ما فات، فيتحول الأمل نفسه، وهو رسول السماء في القلوب يدعوها إلى الحياة، إلى شبح قاتم ينضم إلى الماضي ليؤاخيه. فإذا ما حاولت بلوغ أمنية انقلب جهدك ندما؛ لأن القاتل لا يذهب في الظلمة إلا وهو يربط على صدره بيديه؛ خشية أن تقع أنامله على جدار فتنم آثارها عليه.

تلك هي الحياة التي قدرت عليك في آتيك، فاختر بين روحك وجسدك؛ إذ لا بد لك من القضاء على أحدهما.

إن ذكرى الخير ستدفع بك إلى ارتكاب الشر، فما عليك إلا أن تصبح جثة باردة إذا كنت تحاذر أن تبقى شبحا لذاتك!

أيها الفتى ، مت في صلاحك لعل أحدا يأتي إلى قبرك فيذرف الدمع عليه.

وانطرحت أمام السرير فاقدا هداي لا أعلم من أنا، ولا أحس بما أفعل، وأرسلت بريجيت زفرة وهي تدفع عنها غطاءها كأنها تزحزح عنها حملا ثقيلا، فانكشف صدرها ناهدا بناصع بياضه أمام عيني.

واهتزت مشاعري كلها لهذا المشهد، فما عرفت أهو الحزن يستولي علي أم الشهوة تتلاعب بدمي.

وخطر لي فجأة خاطر ملأني ذعرا، فإذا بي أقول: «أواه! أأترك جميع هذا لسواي؟ أأموت وأنزل إلى القبر فيبقى هذا الصدر بعدي يتنفس هواء السماء؟ أمن العدل أن تمتد يد غيري إلى هذه البشرة الشفافة الناعمة، وأن تلتصق بفمها شفتان غير شفتي، ويجول في قلبها غرام غير غرامي؟ أيقف قرب هذا السرير رجل سواي؟

أتكون بريجيت سعيدة حية معبودة، وأكون أنا في زاوية من القبر أنتثر رمادا؟

أية مدة من الزمان تحتاجها لتنساني إذا مت غدا؟ وأي مقدار من الدموع ستذرف على حجر قبري؟

من يدري، لعلها لن تذرف قطرة واحدة من جفونها علي، ولن يقترب منها صديق - بل لن يقترب منها أحد - دون أن يقول لها: إن موتي كان خيرا لها من بقائي، فيعزيها ويدعوها إلى الانقطاع عن ذكري، وإذا هي بكت يحولها الناس عن التفكير بي، وإذا استمر حبي حيا في قلبها بعدي، فإن الناس سيعملون على شفائها منه كأنه سم زعاف له ترياقه.

Shafi da ba'a sani ba