وأنا لا نكفر أحدا من أحل القبلة بذنب عمله، أو بمعصية ارتكبها
, ولا نخرجه من الإسلام. (14)
(14) المسألة الرابعة عشرة:
تناول المصنف رحمه الله في هذه المسألة أصلا مهما قد نوهنا عنه من قبل، ألا وهو: مسألة تكفير أهل القبلة.
ورأينا أن نتكلم عنها بشيء من التوضيح والتأصيل؛ لوجود خلط شديد في هذه المسألة اليوم.
فالمصنف تبعا للطحاوي في عقيدته، قال: (ولا نكفر أحدا من أهل القبلة بذنب عمله)، وقوله: (ولا يخرج من الإسلام إلا بجحود ما أدخله فيه)، إذ نجد من يستدل علينا بهذه الأقوال على اشتراط استحلال القلب للمعصية حتى يكفر بذلك، وكل ما وقع من من قبيل الكفر يؤول عندهم إلى الكفر العملي الذي هو من قبيل المعاصي وقد ذكر ابن القيم تفصيل الكفر وتقسيمه إلى نوعين في رسالته في الصلاة لمن أراد أن يراجعها. (فإذا قسم بعض العلماء الكفر إلى عملي واعتقادي، فإنه لا يلزم من ذلك ما ظنه بعض الناس من أن الكفر المخرج من الملة لا يكون بالعمل إلا إذا كان مقيدا بالاعتقاد، لأن العلماء الذين أطلقوا هذه العبارات قد نصوا على أن الكفر قد يكون بالقول والعمل، كما يكون بالاعتقاد. وإنما مرادهم بالكفر العملي ما يتعلق بالمعاصي التي لا تخرج من الملة، كترك بعض الواجبات، وفعل بعض المحرمات، والغالب أنهم إنما يقررون ذلك في تفسير النصوص التي فيها إطلاق الكفر على بعض الذنوب التي لا تخرج من الملة، فيقولون هذا من الكفر العملي، وليس من الكفر الاعتقادي، ردا على الخوارج الذين يستدلون بتلك النصوص على تكفير مرتكب الكبيرة.
Shafi 39