وأما يعقوب: فبكى على يوسف، حتى ذهب بصره، وحتى قيل له: ?تفتأ تذكر يوسف حتى تكون حرضا أو تكون من الهالكين? [يوسف: 85]. وأما يوسف: فبكى على يعقوب، حتى تأذى به أهل السجن.
وقالوا: إما أن تبكي النهار، وتسكت بالليل، وإما أن تبكي بالليل، وتسكت بالنهار. فصالحهم على واحد منهما.
وأما فاطمة: فبكت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، حتى تأذى بها أهل المدينة.
فقالوا لها: قد آذيتنا بكثرة بكائك، فكانت تخرج إلى مقابر الشهداء، فتبكي حتى تقضي حاجتها، ثم تنصرف. وهي القائلة:
صبت علي مصائب لو أنها صبت على الأيام عدن لياليا
رواه زين العابدين علي بن الحسين عليهم السلام.
* وقرأت: أن يحيى بن زكريا، بكى حتى أكلت دموعه مجاري خدوده، فجعلت والدته قطعة صوف عليها، متى ما ابتلت أخذها يحيى عليه السلام وعصرها، فتقاطر دموعه عنها، فإذا نظر إليها، يقول: اللهم هذه دموعي، وهذه أمي، وأنت الرحمن!!
* وروي أن المسيح عليه السلام مر بقوم يبكون. فقال: لم تبكون؟ فقيل: من ذنوبهم؟ فقال: دعهم يبكون.
* الحسن: ما اغرورقت عين بمائها من خشية الله؛ إلا حرم الله خده على النار، فإن فاضت على خدها؛ لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، وليس من عمل إلا وله وزن وثواب، إلا الدمعة فإنها تطفي بحورا من النار، ولو أن رجلا بكى من خشية الله في أمة من الأمم لرجوت أن يرحم الله ببكاء ذلك الرجل تلك الأمة.
* وفي بعض مواعظ أهل البيت عليهم السلام: إن الله تعالى قال فيما ناجى به موسى بن عمران: ما تزين المتزينون بمثل الزهد في الدنيا، ولا تقرب لي المتقربون بمثل الورع من محارمي، ولا تعبد إلي المتعبدون بمثل البكاء من عذابي. فقال: يا رب بما تجازيهم؟
فقال: أما المتعبدون بالبكاء خشية من عذابي، فأفتش على الناس كلهم يوم القيامة، ولا أفتش عليهم استحياء منهم.
Shafi 363