343

{حقا على المتقين} انتصب حقا على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة، أي: حق ذلك حقا، قاله ابن عطية، والزمخشري. وهذا تأباه القواعد النحوية لأن ظاهر قوله: {على المتقين} إذن يتعلق على بحقا، أو يكون في موضع الصفة له، وكلا التقديرين يخرجه عن التأكيد، أما تعلقه به فلأن المصدر المؤكد لا يعمل إنما يعمل المصدر الذي ينحل بحرف مصدري، والفعل أو المصدر الذي هو بدل من اللفظ بالفعل وذلك مطرد في الأمر والاستفهام، على خلاف في هذا الأخير على ما تقرر في علم النحو، وأما جعله صفة: لحقا أي: حقا كائنا على المتقين، فذلك يخرجه عن التأكيد، لأنه إذ ذاك يتخصص بالصفة، وجوز المعربون أن يكون نعتا لمصدر محذوف، إما لمصدر من: كتب عليكم، أي: كتبا حقا، وإما لمصدر من الوصية أي إيصاء حقا، وأبعد من ذهب إلى أنه منصوب: بالمتقين، وأن التقدير: على المتقين حقا، كقوله: {أولئك هم المؤمنون حقا}(الأنفال: 4)} لأنه غير المتبادر إلى الذهن، ولتقدمه على عامله الموصول، والأولى عندي أن يكون مصدرا من معنى: كتب، لأن معنى: كتبت الوصية، أي: وجبت وحقت، فانتصابه على أنه مصدر على غير الصدر، كقولهم: قعدت جلوسا.

{فمن بدله بعدما سمعه}: الظاهر أن الضمير يعود على الوصية بمعنى الإيصاء، أي: فمن بدل الإيصاء عن وجهه إن كان موافقا للشرع من الأوصياء والشهود بعدما سمعه سماع تحقق وتثبت، وعوده على الإيصاء أولى من عوده على الوصية، لأن تأنيث الوصية غير حقيقي، لأن ذلك لا يراعى في الضمائر المتأخرة عن المؤنث المجازي، بل يستوي المؤنث الحقيقي والمجازي في ذلك تقول: هند خرجت. والشمس طلعت، ولا يجوز طلع إلا في الشعر، والتذكير على مراعاة المعنى وارد في لسانهم ، ومنه:

كخرعوبة البانة المنفطر

ذهب إلى المعنى: القضيب، كأنه قال: كقضيب البانة، ومنه في العكس: جاءته كتابي، فاحتقرها على معنى الصحيفة.

Shafi 377