وَنَحْوُهُ (^١): "ثَلَاثَةٌ إِنْ أَكْرَمْتَهُمْ أَهَانُوكَ: الْمَرْأَةُ، وَالْفَلَّاحُ، وَالْعَبْدُ" قَالَهُ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا (^٢).
وَبِهِ يُقَيَّدُ كَلَامُهُ الْأَوَّلُ بِأَنْ يُحْمَلَ عَلَى الْأَنْذَالِ [وَ] (^٣) اللِّئَامِ غَيْرِ الكِرَامِ.
وَلْيُتَأَمَّلْ حَدِيثُ: "أَحْبِبْ حَبِيبَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ بَغِيضَكَ يَوْمًا مَا، وَأَبْغِضْ بَغِيضَكَ هَوْنًا مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يَوْمًا مَا" (^٤).
وَلَا يَحْمِلُهُ الْبُغْضُ عَلَى سُلُوكِ غَيْرِ الْإِنْصَافِ، وَإِن كَانَ أَيْضًا فِي الغَالِبِ غَيْرَ مَأْمُونٍ، وَمِنْ ثَمَّ حَصَلَ التَّوَقُّفُ فِي القَبُولِ مِمَّنْ هَذَا سَبِيلُهُ.
وَرَحِمَ اللهُ التَّقِيَّ ابْنَ دَقيقِ الْعِيدِ، فَإِنَّهُ لَمَّا جِيءَ إِلَيْهِ بِالْمَحْضَرِ الْمُكْتَتَبِ فِي التَّقِيِّ ابْنِ بنْتِ الْأَعَزِّ (^٥) لِيَكْتُبَ فِيهِ، امْتَنَعَ مِنْهَا أَشَدَّ امْتِنَاعٍ، مَعَ مَا كَانَ بَيْنَهُمَا مِنَ الْعَدَاوَةِ الشَّدِيدَةِ، بَلْ وَأَغْلَظَ عَلَيْهِمْ فِي الكَلَامِ وَقَالَ: "مَا يَحِلُّ لِي أَنْ أَكْتُبَ فِيهِ" وَرَدَّهُ، فَتَزَايَدَتْ جَلَالَتُهُ بِذَلِكَ وَعُدَّ فِي وُفُورِ دِيَانِتِهِ وَأَمَانَتِهِ، وَكَيْفَ لَا وَهُوَ الْقَائِلُ: "مَا تَكَلَّمْتُ بِكَلِمَةٍ أَوْ فَعَلْتُ فِعْلًا إِلَّا وَأَعْدَدْتُ لِذَلِكَ جَوَابًا بَيْنَ يَدَيْ اللهِ سُبْحَانَهُ" (^٦).
وَلَمَّا تَرْجَمَ شَيْخُنَا لِلْقَايَاتِيِّ (^٧) -بَعْدَ مَوْتِهِ- قَالَ: إِنَّهُ بَاشَرَ بِنَزَاهَةٍ وَعِفَّةٍ، وَلَمْ