[لَا يُقْبَلُ كَلَامُ المُتَعَاصِرِينَ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ] (^١)
وَكَذَا مَعَ التَّحَرِّي فِيمَنْ يَبْغَضُهُ لِعَدَاوَةٍ سَبَبُهَا الْمُنَافَسَةُ فِي الْمَرَاتِبِ، مِمَّا كَثُرَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمُتَعَاصِرِينَ وَالتَّبَايُنُ لَهَا، بِحَيْثُ عَقَدَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي "جَامِعُ بَيَانِ الْعِلْمِ" (^٢) لَهُ بَابًا لِكَلَامِ الْأَقْرَانِ الْمُتَعَاصِرِينَ مِنَ العُلَمَاءِ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ، وَأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ كَلَامُ بَعْضِهِمْ فِي بَعْضٍ، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْهُمْ بِمُفْرَدِهِ ثِقَةً (وَ) (^٣) حُجَّةً.
وَرُبَّمَا يَكُونُ بَيْنَ الْمُتَعَاصِرِينَ الشَّيْءُ مِنْ غَيْرِ عَدَاوَةٍ، وَلِذَا (^٤) فَصَلَهُ بَعْضُهُمْ عَنْهَا، وَالْحُكْمُ كَذَلِكَ، فَإِنِ اجْتَمَعَا فَأَوْلَى بِعَدَمِ القَبُولِ.
وَقَدْ يَكُونُ سَبَبَ تِلْكَ العَدَاوَةِ ظَنٌّ فَاسِدٌ؛ بِأَنْ يُخَالِفَهُ فِي الِاعْتِقَادِ الَّذِي يَظُنُّ فَسَادَهُ، وَذَلِكَ أَحَدُ الْأَسْبَابِ الَّتِي تُدْخِلُ الْآفَةَ عَلَى الْمُجَرَّحِينَ مِنْهَا "لِأَنَّهَا أَوْجَبَتْ تَكْفِيرَ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ، أَوْ تَبْدِيعَهُمْ، وَأَوْجَبَتْ عَصَبِيَّةً اعْتِقَدُوهَا دِينًا يَتَدَيَّنُونَ وَيَتَقَرَّبُونَ بِهِ إِلَى اللهِ تَعَالَى، وَنَشَأَ مِنْ ذَلِكَ الطَّعْنُ بِالتَّكْفِيرِ أَوِ التَّبْدِيعِ".
أفَادَهُ التَّقِيُّ ابْنُ دَقيقِ العِيدِ (^٥).
(وَذَلِكَ مَوْجُودٌ كَثِيرًا قَدِيمًا وَحَدِيثًا) (^٦).