Iclam Bima Fi Din Nasara
الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن الإسلام
Bincike
د. أحمد حجازي السقا
Mai Buga Littafi
دار التراث العربي
Inda aka buga
القاهرة
يشبه صَوت الْمَاشِي وَهُوَ الَّذِي يُسمى بِلِسَان الْعَرَب الهمس والخشخشة فَلَمَّا سمع آدم ذَلِك الصَّوْت تنبه لمخاطبة الله تَعَالَى ولحضوره مَعَه ثمَّ أضَاف الصَّوْت إِلَى الله تَعَالَى لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تنبه آدم عِنْده لمحاضرة الله وَكَأن آدم كَانَ فِي غَفلَة لشدَّة حزنه وعظيم مَا حل بِهِ وَهَذَا كَمَا يعتري الْوَاحِد منا إِذا كَانَ ملهوفا بِأَمْر هائل فَإِنَّهُ يشْتَغل بِنَفسِهِ بل ويغفل عَن حسه ثمَّ قد يتَنَبَّه عِنْد سَماع صَوت شَيْء وحس إِنْسَان فَيرجع عِنْد ذَلِك لنَفسِهِ ويتنبه لمن مَعَه وعَلى هَذَا التَّأْوِيل يكون فِي يتمشى ضمير يعود على الصَّوْت فَكَأَنَّهُ قَالَ يتمشى الصَّوْت فِي الفردوس لَا على الله
إِذْ يَسْتَحِيل على الله تَعَالَى ظَاهر المشى وَمَفْهُومه السَّابِق مِنْهُ وَهَذَا تَأْوِيل حسن سَائِغ عِنْد الْمنصف
والتأويل الثَّانِي أَن الصَّوْت يُرَاد بِهِ الْكَلَام الْقَائِم بِذَاتِهِ وَإِن كَانَ لَيْسَ بِصَوْت فَيجوز أَن يُسَمِّيه صَوتا لِأَنَّهُ يُمكن أَن يدل عَلَيْهِ بالصوت كَمَا نقُول إِن مُوسَى ﵇ سمع كَلَام الله الْقَائِم بِذَاتِهِ بِمَعْنى أدْركهُ وفهمه بِإِدْرَاك خص بِهِ مُوسَى ثمَّ عبر مُوسَى عَنهُ لنا بِصَوْت مقطع إِذْ لَيْسَ فِي قوتنا إِدْرَاك مَا لَيْسَ بِصَوْت وبقريب من ذَلِك نقُول نَحن فِي الْقُرْآن
وَهَذَا النَّوْع من التَّأْوِيل نوع جَائِز جَار فِي الْكَلَام فَإِنَّهُ تَسْمِيَة الشَّيْء بِمَا يدل عَلَيْهِ كَمَا تَقول سَمِعت علم فلَان وَإِنَّمَا سَمِعت كَلَامه الَّذِي دلّ على علمه وَالْكَلَام لَيْسَ هُوَ الْعلم وعَلى هَذَا التَّأْوِيل يكون فِي الفردوس مُعَلّقا ب سمعا لَا ب يتمشى وَيكون معنى يتمشى يبلغ وَالْبُلُوغ عبارَة عَن الْإِدْرَاك الَّذِي بِهِ أدْرك كَلَام الله تَعَالَى يَعْنِي سَمعه وَكَذَلِكَ قَوْله سَمِعت صَوْتك فِي الفردوس أَي وَأَنا فِي الفردوس
وَلَو كنت تعرف لِسَان الْقَوْم الَّذين ترجمت التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل بلغتهم لذكرت لَك من هَذَا أَمْثِلَة كَثِيرَة وَفِي الْقَلِيل المبصر غنية عَن الْكثير فَهَكَذَا يَنْبَغِي لَك وَلكُل عَاقل أَن يفهم تَأْوِيل الصَّوْت الَّذِي وَقع فِي التَّوْرَاة ولعمري لَا يبعد أَن يتَأَوَّل تأويلات أخر جاريات على السّنَن القويم والمنهج الْمُسْتَقيم وَفِيمَا ذَكرْنَاهُ مقنع للعاقل فَتدبر فهمك الله مَا ذكرته وَلَا تعتقد فِي الله تَعَالَى أَنه مُتَكَلم بِصَوْت مُحدث فَإِن ذَلِك محَال
1 / 111