وأما هذا النفي العام ، فليس له ثبوت واستقرار ، وهل هذا إلا كما قال في زماننا رئيس الملاحدة لا وجود للجن ولا للشياطين لا في الأعصار الماضية ولا الحالية ، أو قال مبتدع محسن للبدعات الواهية لا وجود في هذا الزمان للفرقة المبتدعة الطاغية ، وأمثال هذه السلوب الكلية ك{شجرة خبيثة اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار} ، وك{بناء أسس بنيانه على شفا جرف هار} .
ثم قال : اللهم إلا أن يراد بها المحققون من علماء زماننا الذين يوافقون في بعض المسائل شيخ الإسلام ابن تيمية كمسألة زيارة خير الأنام ، ومسألة الاستواء وغيرهما مما دل عليه الكتاب والسنة .
أقول : مسألة زيارة خير الأنام كلام ابن تيمية فيه من أفاحش الكلام ، فإنه يحرم السفر لزيارة قبر الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ويجعله سفر معصية ، ويحرم نفس زيارة القبر النبوي أيضا ويجعلها غير مقدورة وغير مشروعة وممتنعة ، ويحكم على الأحاديث الواردة في الترغيب إليها أن كلها موضوعة مع حسن بعضها .
ولعلمي علم ابن تيمية أكثر من عقله ، ونظره أكبر من فهمه ، وقد شدد عليه بسبب كلامه في هذه المسألة علماء عصره بالنكير وأوجبوا عليه التعزير ، وذلك سنة ست وعشرين وسبعمئة في شعبان ، فاعتقل بالقلعة ولم يزل بها إلى أن دخل في ذي القعدة سنة ثمان وعشرين وسبعمئة مرتحلا من هذه الدار في أبواب الجنان على ما بسطه الحافظ ابن حجر العسقلاني في "الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة" فرحمه الله رحمة واسعة نعم الرجل كان لولا ما نقل منه من المسائل البشعة والتقريرات.
Shafi 68