ثم قال الرابع : إن العلماء صرحوا بكون ابن الهمام جدليا نص عليه محمود بن سليمان الكفوي في " كتائب أعلام الأخيار" ، والسيوطي في " البغية" على لخصه المعترض في " الفوائد البهية" ، والمجادلة هي المنازعة لا لاظهار الصواب بل لالزام ، وهذا تصريح بكونه متعصبا ، لا يقال ليس المراد بالجدل ما يقابل المناظرة والمكابرة بل المراد به علم المباحثة ، وأن السيوطي صرح بكونه متحققا ، فكيف يكون متعصبا لأنا نقول لو كان المراد المباحثة لزم التكرار ؛ لأنهم يذكرون في صفته مع جدله نظارا أيضا .
وأما كون محققا فلا ينافي كونه متعصبا فإنه بالحيثيتين ، فإنه محقق في روايات المذهب يرجح ما هو أقرب بالحديث ، ومتعصب من حيث أنه لا يقبل الحق المخالف للمذهب الحنفي وإن ظهر الدليل .
أقول : هذا عجيب جدا :
أما أولا فلإن صفة كونه جدليا إنما يذكرونها في أثناء مدحه ، فكيف يكون المراد به الجدل الذي هو موجب لنقصه ، أما رأيت كلام الكفوي في ترجمة : كان إماما نظارا فارسا في البحث ، فروعي أصولي محدث مفسر حافظ نحوي كلامي منطقي جدلي ، وله تصانيف مقبولة معتبرة . انتهى .
أما اطلعت على قول السيوطي كان علامة في الفقه والإصول والنحو والصرف والمعاني والبيان والتصوف والموسيقى محققا جدليا نظارا ، وكان له نصيب وافر مما لأرباب الأحوال والكرامات . انتهى .
فهل يقول عاقل أن المراد بالجدلي من يرتكب المجادلة ، كلا فإن هذه من الصفات القبيحة ، فكيف يذكرونها في سرد الأوصاف الجميلة .
Shafi 62