أقول : لم يدع أحد أنه أعرض في المسألة من مسائل الحنفية اعراضا تاما ، وأخذ بمقابلته بالحديث أخذا كاملا يفيد عدم تسليمه وترجيحه لما قرب من الحديث من بين روايات الحنفية كاف لإثبات أنه غير متعصب ، فإن المتعصبين والمقلدين الجامدين عادتهم ترجيح ما ثبت عن أئمتهم في ظاهر الرواية وإن خالف الأدلة ، وترك ما ثبت عنهم بطريق الندرة وإن وافق الدلائل الصحيحة ، واختيار ما رجحه المشايخ المتقدمون وإن كان دليلهم ضعيفا ، وتسويته الأحاديث موافقة للمذاهب وإن كان سخيفا ، وعدم قبول الخلاف بل وعدم الإشارة إليه أيضا إن كان قويا .
وابن الهمام بريء عن أمثال هذه الأمور في كثير من المباحث كما لا يخفى على الباحث ، وليس المراد بالمخالفة ترك المذهب الحنفي وهجرانه بلا ضرورة ، والدخول في طرق الطوائف الغير المقلدة حتى يمنع عدم وجوده فيه .
Shafi 60