العدة ثلاثا، والآخر بمنزلته حيث كان بعد إحدى وثنتين، وذلك قولك: ثلاث عشرة جارية) . ومما يدل لما قلناه من الإتيان بالتاء إذا حذف المعدود المذكر أن سيبويه قال: ونقول: هذا خامس أربعة. وقال: خامس خمسة. إذا كن أربع نسوة فيهن رجل، وخامس أربع إذا أردت أنه صير أربع نسوة خمسة. انتهى.
ومن كلامهم أيضا: خمسة من الخمسين، وثلاثة من الكلاب، وقالوا في ثلاثة من البقر ونحوها وجهان؛ لأن فيه التذكير والتأنيث فيقال على لغة التذكير: ثلاثة من البقر، وعلى لغة التأنيث: ثلاث. وهذا من كلامهم نص في حكم أن التذكير والتأنيث مراعا وإن لم تضف العدد إلى المعدود، وبه ظهر أن الصواب ما ورد في الحديث من إثبات التاء في ثلاثة، وأنه لا يجوز حذفها غلا على ما أطلقه ابن عصفور، فإن صح ذلك الإطلاق فيكون الحديث فيه لغة ضعيفة لم يرد الحديث بها.
وقد تبين بهذا أن إطلاق من أطلق أنه متى حذف المعدود تحذف التاء ليس بصحيح، ومن كلام ابن مالك في شرح الكافية: تثبت تاء ثلاثة فما فوقها إلى عشرة إن كان واحد المعدود مذكرا، وتسقط إن كان مؤنثا، نحو: عندي من العبيد ثلاثة، ومن الإماء ثلاث. فنظر كيف مثل ما يجب التاء بقوله: عندي من العبيد ثلاثة، وهو عدد لم يضف إلى معدود.
وذكر أبو البقاء العكبري في (إعراب الحديث) له في حديث أنس ﵁: (يتبع الميت ثلاث؛ أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان ويبقى واحد) . قال: الوجه أن يقال: ثلاثة؛ لأنها مذكرات والأشبه أنه من تغيير الرواة، ويحتمل أن يكون الوجه فيه ثلاث علق والواحدة علقة؛ لأن كلا من
1 / 41