Ibrahim Ubangijin Annabawa

Abbas Mahmud Al-Aqqad d. 1383 AH
87

Ibrahim Ubangijin Annabawa

إبراهيم أبو الأنبياء

Nau'ikan

فاليوم قد ثبتت وقائع لا شك فيها من تواريخ تلك المدن التي تواترت الأنباء الدينية بتدميرها في الزمن القديم.

وقد تتابع التنقيب في وادي الأردن وشواطئ البحر الأحمر ورمال الأحقاف من جنوب بلاد العرب، فظهر من الأحافير أنها كانت بلاد زلازل وأغوار وعوارض جوية تطابق ما وصفته الكتب الدينية من أحوال عمارها وأحوال خرابها، وأن الزمن الذي وقعت فيه نكباتها قريب من الزمن المقدور لقيام الأنبياء فيها، ولم ينحصر الأمر في دلالات الكوارث الطبيعية والأعاصير، بل جاءت الدلالات الاجتماعية مصححة موضحة تعلم الباحثين الأناة والرصانة قبل التعجل بالرفض والإنكار.

فلم يكن أبناء الشواطئ على البحر الأحمر يعلمون شيئا عن التواريخ التي كتبت بالإغريقية واللاتينية ثم اندثرت في القرون الوسطى، وظلت مندثرة إلى أن تجددت وانتشرت بين الأوروبيين والمطلعين على اللغات الأوروبية في العصر الحديث.

ولكن القدماء على شواطئ البحر الحمر تحدثوا عن المدن التي كانت تحتكر التجارة، وتماكس

1

وتبالغ في إضافة الأرباح والإتاوات، ولم تأتها هذه الأخبار من المراجع الإغريقية أو اللاتينية بطبيعة الحال، فلا بد من الاعتراف لها بمرجع معول عليه، وليس من الجائز أن يتعجل العالم الأمين بالشك فيه ...

ومن أمثلة هذه الأخبار مثل الهزيمة التي حلت بأبرهة الأشرم صاحب الفيل، الذي ورد ذكره في القرآن الكريم، وأن جيشه هلك بالطير الأبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل، وقال أبو عبد الله عكرمة مولى عبد الله بن عباس: إنهم أصيبوا بالجدري «وأن من أصابته الحجرة جدرته.»

فهذا الخبر عن الجدري قد أيده من لم يرد تأييده من مؤرخي اليونان والرومان، فقد ذكر الوزير بركوب

، من أبناء القسطنطينية، أن مرض الجدري ظهر في مصر عند منتصف القرن السادس قبل الميلاد، وروى بروس

Bruce ، الذي زار بلاد الحبشة في القرن الثامن عشر، أن الأحباش يذكرون في تواريخهم كيف ارتد أبرهة، وأنه رجع عن مكة لما أصاب جيشه من المرض الذي يصفونه بصفة الجدري، وكتب غير واحد من مؤرخي اليونان أن أبرهة زحف على مكة في مركبة يجرها أربعة من الفيلة، وأن جيشه لم يعد منه إلا القليل لكثرة من مات منه بالوباء، فأيسر ما يفهمه العالم الأمين من هذا وأشباهه أن المصادر القديمة قائمة على أساس لا يجوز إهماله، وأن المستقبل خليق أن يفسر منه أكثر مما فسرناه حتى اليوم.

Shafi da ba'a sani ba