Ibrahim Ubangijin Annabawa
إبراهيم أبو الأنبياء
Nau'ikan
إن منهج البحث تمليه علينا طبيعة البحث نفسه، في الزمن الذي نكتبه فيه، ونحن ندرس سيرة الخليل كما وضحت لنا منذ فاتحة القرن العشرين. ولقد أثار القرن العشرون في هذه السيرة مشكلات لم يعرفها الأقدمون، وأتى فيها بمعلومات من بطون الحفائر وخفايا الآثار لم تكن في حساب أحد ممن عرضوا لهذه السيرة قبل مائة سنة.
من هذه المشكلات التي أثارها القرن العشرون: وجود إبراهيم في التاريخ؛ هل هو شخصية تاريخية، أو هو صورة من صور الخيال تجمعت حولها متفرقات العقائد من هنا وهناك؟
ومن المشكلات التي أثارها هذا القرن: علاقة إبراهيم بمكة وبيت الله الحرام؛ هل ذهب إبراهيم إلى مكة؟ وهل كانت له علاقة ببيت الله الحرام فيها، أو تلك علاقة لم تفهم على سند صحيح من الواقع، ولم تنجل الدراسات العصرية عما يؤيدها بالدليل المقبول؟
ونحن نكتب هذه السيرة وأمامنا هذه المشكلات من مصادرها القوية، وأمامنا كذلك أسبابها وأسباب الإعراض عنها والرد عليها.
ونجملها بداءة فنقول: إنها لا تقوم على سند من العلم، سواء كان الباحث الحديث ينفي وجود إبراهيم جزما ويقينا، أو يشك في وجوده ولا يقطع باليقين إلى جانب النفي أو جانب الإثبات.
فالذي ينفي وجود إبراهيم جزما ويقينا لا يستند إلى حجة واحدة من حجج العلم، ولا يزيد على مجرد الإنكار، والذي يشك يبني شكه على أسباب لا يعتبرها العلم ولا العقل من أسباب الشك في وجود شيء ... لأنه يستند في شكه على كثرة الأعاجيب والخوارق والأساطير التي تخللت سيرة إبراهيم كما رواها الأقدمون.
ومثل هذا السبب لم يبطل وجود شيء قط، وإن كانت أعاجيبه وخوارقه وأساطيره مما ترفضه جميع العقول في العصر الحديث.
فهذه الشمس يضرب بها المثل في الظهور والثبات، وليس أكثر من الخرافات التي رويت عن مشرقها ومغربها، وعن نشأتها وحركتها، وعن الديانات التي تقدسها وتفرض عبادتها، وليس أكثر في العصر الحاضر من الخلاف على عمرها، وحقيقة تكوينها، وأسباب حرارتها، وطبيعة مادتها؛ لأنها هي طبيعة المادة على العموم.
والهرم الأكبر لا يمتري في وجوده أحد، ولم يذكر عن إبراهيم بعض ما ذكر عنه من الأسرار.
ومن الزراية بالعلم أن يقوم الشك على غير أساس؛ فليست الحقيقة خصما لنا في محكمة نقول له: تقدم أنت بجميع أسانيدك وإلا أنكرنا عليك دعواك.
Shafi da ba'a sani ba