Ibn Taymiyyah: His Life and Times, Opinions and Jurisprudence
ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه
Mai Buga Littafi
دار الفكر العربي
بأنه يمنع زيارة القبور، حتى الروضة الشريفة التي بها قبر الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وقد جاء في هذه الفتوى.
وفي سنن سعيد بن منصور أن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب رأى رجلاً يختلف إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: ((لا تتخذوا قبري عيداً، وصلوا علي، فإن صلاتكم حيثما كنتم تبلغني، فما أنت ورجل بالأندلس منه إلا سواء)). وفي الصحيحين عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في مرض موته: ((لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، يحذر ما فعلوا ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجداً، وهم دفنوه صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة رضي الله عنها خلاف ما اعتادوه من الدفن في الصحراء، لئلا يصلي أحد عند قبره، ويتخذه مسجداً، فيتخذ قبره وثناً، وكان الصحابة والتابعون لما كانت الحجرة النبوية منفصلة عن المسجد إلى زمن الوليد بن عبد الملك لا يدخل أحد منهم إليه، لصلاة هناك ولا تمسح بالقبر، ولا دعاء هناك بل هذا جميعه إنما كانوا يفعلونه في المسجد، وكان السلف الصالح من الصحابة والتابعين إذا سلموا على النبي صلى الله عليه وسلم وأرادوا الدعاء دعوا مستقبلي القبلة، ولم يستقبلوا القبر، وأما الوقوف للسلام عليه صلوات الله وسلامه عليه فقال أبو حنيفة يستقبل القبلة أيضاً، ولا يستقبل القبر، وقال أكثر الأئمة يستقبل القبر عند الدعاء (١)).
هذا ما جاء في فتياه رضي الله عنه، وتراه فيها كشأنه يتجه إلى السلف الصالح يستقي منهم، ويأخذ عنهم، ويسرد إليك الآراء التي تساعد ما انتهى إليه في ثقة وإيمان، واطلاع واسع يبهت الخصوم، ويتحير له المخالفون فلا يحيرون جواباً.
٩٣- لقد قيلت هذه الفتوى منذ مدة طويلة، ولكن حركت عندما أرادوا الكيد، فشنعوا بها عند ولاة الأمور. وحركوا فيهم عوامل النقمة على ذلك الفقيه
(١) سيكون بعون الله تعالى موضوع هذه الفتيا مع غيرها موضع دراستنا عند دراسة علمه وآرائه إن شاء الله تعالى.
84