48

Ibn Taymiyyah: His Life and Times, Opinions and Jurisprudence

ابن تيمية: حياته وعصره، آراؤه وفقهه

Mai Buga Littafi

دار الفكر العربي

فى الجبال اجتمعت فى الوهاد والرياض ، وهو على أى حال انتصر للحق منها ؛ وقلم أظفارها .

٥٠- استمر سلطان ابن تيمية قائماً ، لأن العامة رأوا فيه ناصرهم ، وولاة الأمر رأوا فيه قوة لهم ، وقد استمر على درسه يلقيه ، ولم يكن طالب منصب يبتغيه ، بل استمر مبتعداً عن مناصب الدولة، ولكن كان يؤخذ رأيه فى المناصب العلمية ، فإنه لما توفى ابن دقيق العيد سنة ٧٠٢ وكان على مشيخة دار الحديث الكاملية أشار ابن تيمية بتعيين الشيخ كمال الدين الشريشى فى محله كما أشار بتعيين من اختارهم للخطابة ولرياسة المدارس المختلفة ، وكان ذلك سنة ٧٠٣ (١).

ولم يكن سلطانه الأدبى مقصوراً على الإشارة بتعيين الشيوخ ، بل إنه كان يتولى التعزير أحياناً ، ولعله كان يعتبر ذلك من الإرشاد والإصلاح، أحضر إليه شيخ من شيوخ الباطنية الذين سمى بعضهم بالخشاشين ؛ وقد استطال شعر رأسه ، وترك أظافره وأرسل شاربه فقص شعره وحف شاربه وقلم أظافره ، واستتابه من كلام الفحش فى الصحابة وعامة المؤمنين ، وأكل ما يغير العقل من الحشيشة ، وسائر المحرمات ، ومخالطة أهل الذمة ، وأخذ عليه وثيقة ألا يتكلم فى تعبير الأحلام وغيرها بما لا علم له به .

٥١- وقد اتجه إلى إزالة البدع والمنكرات ؛ فقد علم أن صخرة تزار وتنذر لها النذور فذهب مع أصحابه ، ومعهم حجارون يقطعون الصخور ، فقطعها وهدمها وأراح المسلمين من وزرها (٢) .

ثم نصب نفسه للكشف عن ستور أهل التصوف ، الذين اتخذوا الشعوذة سبيلا للتأثير فى العامة ؛ وأقامها عليهم حرباً شعواء وخصوصاً أن بعضهم مالاً التتار فى أثناء حملتهم على الشام وعيثهم فساداً فيها ، وكان جلهم من الرفاعية الأحمدية أتباع السيد أحمد الرفاعى ، وقد ناقشهم مرة فكشف شعوذتهم ؛ إذ كانوا يوهمون

(١) البداية والنهاية لابن كثير جـ ١٤ ص ٢٨ (٢) الكتاب المذكور ص ٣٤

47