167

كان إذا أوى إلى فراشه نفث في كفيه بقل هو الله أحد والمعوذتين جميعا، ثم يمسح بهما وجهه وما بلغت يداه من جسمه، فلما اشتكى كان يأمرني أن أفعل ذلك به.»

وفي رواية أخرى - وهي التي يرضاها ابن تيمية - أن عائشة رضي الله عنها قالت: «إن النبي

صلى الله عليه وسلم

كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث، فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه وأمسح عليه بيده رجاء بركتها.»

وهنا يقول ابن تيمية: «وهذا هو الصواب، أن عائشة كانت تفعل ذلك والنبي

صلى الله عليه وسلم ، لم يأمرها ولم يمنعها، وأما أن يكون استرقى وطلب منها أن ترقيه، فلا.»

1

وبعد هذا، نرى الشيخ الأكبر يبين ما أراده بتفسير هاتين السورتين فيقول: «والمقصود الكلام على هاتين السورتين، وبيان عظيم منفعتهما وشدة الحاجة بل الضرورة إليهما، وأنه لا يستغني عنهما أحد قط، وأن لهما تأثيرا خاصا في دفع السحر والعين وسائر الشرور، وأن حاجة العبد إلى الاستعاذة بهاتين السورتين أعظم من حاجته إلى النفس والطعام والشراب واللباس.»

وهكذا أبان ابن تيمية سبب اهتمامه بتفسير هاتين السورتين في فيض من القول السديد وإطالة، ثم أخذ في الكلام على الاستعاذة لبيان معناها فقال: «حقيقة معناها الهروب من شيء تخافه إلى من يعصمك منه؛ ولهذا يسمى المستعاذ به معاذا كما يسمى ملجأ ووزرا.

وقيل إن معناها لغة يرجع إلى الستر؛ لأن العرب تقول للبيت الذي في أصل الشجرة فاستتر بها «عوذ»، فكذلك العائذ قد استتر من عدوه بمن استعاذ به منه واستجن به منه.

Shafi da ba'a sani ba