وقد فند ابن سينا أولى النظريتين بدقة، فقد قال، بين أمور أخرى: إن الشعاع الذي يخرج من البصر إذا لم يكن جسما، فإنه لا يمكن أن يطبق عليه مبدأ الحركة الطولانية، وإنه إذا كان جسما فإنه يكون - حين يلاقي كرة الثوابت - جسما عظيما جدا خارجا من البصر، الذي هو جسم صغير. ويسلم فيلسوفنا بأنه يوجد في الرؤية شبح للشيء، يرد بالنور إلى الباصرة، بيد أنه لا يعين هذه النظرية أكثر مما فعلنا آنفا، وهو، في رسالة النفس التي نشرها لندور،
7
يعزو الرأي الذي يرضاه إلى أرسطو، ويعزو الرأي الأول الذي يرفض إلى أفلاطون.
وإذا نظر إلى الأمر بوجه عام وجد أن موضوع نظرية الإدراك الحسي كما يأتي:
8 «إدراك الشيء هو أن تكون حقيقته متمثلة عند المدرك.» فصورة الشيء المدرك هي في المدرك، ومع ذلك، فإن هذا المذهب هو عين مذهب الإدراك العقلي تماما.
وإليك مسألة تنشأ عن ذلك بحكم الطبيعة، وهي: كيف تحفظ هذه الصور المرسلة إلى الأعضاء؟ فالجواب العام هو - من حيث المحسوسات - كون الصور تأتي إلى الحس المشترك، فهناك تكون الصور في متناول مختلف القوى التي تعاني بها سلسلة من الأعمال، ولا تقف نظرية ابن سينا طويلا عند الحس المشترك أكثر مما تقف الإدراكات المحسوسة، وليس لهذا الحس نفسه دور معين تماما، وهو لا يكاد يكون قوة، وهو ليس له غير وظيفة إدارية؛ أي مثل مكتب مركزي تمر منه الإدراكات، التي تأتي من الخارج قبل أن تنضج بقوى الباطن. وأما من حيث الموضع التشريحي، فإن آلة الحس المشترك هو الروح المنتشر في الجهاز العصبي، ولا سيما في قسم الدماغ المقدم،
9
وقد صفت مواضع القوى كهذه القوى نفسها.
وليس رسم قوى النفس الحيوانية التي تؤثر - داخلا - في معطيات الحواس ثابتا عند فلاسفة العرب، ولا سيما كتب ابن سينا، على الإطلاق. وقد درس لنداور قسما من هذه الفروق،
10
Shafi da ba'a sani ba