ل وبالحبس مات أخس الممات
فلم يشف ما ناله بالشفاء
ولم ينج من موته بالنجاة
يريد أنه مات «بداء الحبس» يعني القولنج، أو يريد أنه مات محبوسا كما قيل في بعض الروايات، ولا حيلة لابن سينا في معاداة الرجال فإنه لو سالمهم لحاربوه، ولو نسي أنه أسد لما نسوا أنهم كلاب، كما قال ناقد غربي امتحن ببعض ما امتحن به الشيخ الرئيس. (2) مشكلات الفلسفة
قبل أن نلم بآراء ابن سينا في مشكلات الفلسفة يستدعينا المقام أن نلم بتلك المشكلات ثم نلم بالتفسيرات التي حلت بها في مذاهب المتقدمين عليه.
ونقول «المتقدمين عليه» ونعني بهم أولئك الذين سبقوا ابن سينا إلى مثل موضوعاته وكان لهم أثر في تفكيره واعتقاده؛ لأن مذاهب الفلاسفة جميعا أكثر من أن يحيط بها الإحصاء في عجالة واحدة، ولو من قبيل الإجمال.
ففي العالم من المذاهب الفلسفية بقدر ما نبغ من الفلاسفة ... ولكنها تنقسم عادة إلى قسمين شاملين وهما: قسم الفلسفة المادية؛ وهي التي يرى أصحابها أن مادة العالم في غنى عمن يدبرها من خارجها، وقسم الفلسفة الإلهية؛ وهي التي يرى أصحابها أن المادة لا تستغني عن قدرة عاقلة «غير مادية» تستمد منها حركتها.
وأشد المذاهب المادية إمعانا في مناقضة الفلسفة الإلهية هو مذهب المادية الثنائية
Dialectical Materialism
الذي يتلخص في أن المادة قديمة متحركة بذاتها مشتملة على العناصر التي تنشئ منها الحياة والعقل حسب الطبيعة المستكينة فيها ... ومن قوانينها اجتماع الأضداد فيها ريثما يتغلب ضد منها على ضده بغير انقطاع لهذه المغالبة الدائمة، وأن الصفة «الكمية» فيها تتحول إلى الصفة «الكيفية» فتنشأ الحياة كما ينشأ العقل من هذا التحول، إما على التدريج وإما طفرة كما تظهر بعض أنواع النبات من الأنواع الأخرى، فلا توجد «كيفية» إلا وهي نتيجة التغير في الكمية، ولا توجد حالة قط إلا وهي تنطوي على ما يناقضها، فلا تبلغ تمامها إلا ظهر منها النقيض الذي تنطوي عليه. وهذا عندهم هو تفسير ظهور الحياة من المادة العمياء التي لا تشبهها، وهو كذلك تفسير ظهور العقل في الحياة كلما تطورت فيها الكميات والكيفيات على النحو المتقدم. أي نحو الانتقال بين الضد والضد والتحول من صفات الكمية إلى صفات الكيفية. ومن تعبيراتهم المجازية أن للقوة المادية «عمقا» يتجلى في هذه الخصائص العقلية والمعنوية التي تقترن بالحياة. وهم يؤمنون بالدور الدائم في المادة الأولية، فيقول إنجلز
Shafi da ba'a sani ba