Ibn Rumi: Rayuwarsa Ta Wajen Waƙoƙinsa
ابن الرومي: حياته من شعره
Nau'ikan
تخيره زيا لكل معاند
يشير إلى إبطالهم زي أهل الكتاب الذي أمر به الخليفة المتوكل في أيام غلوائه ونقمته على أصحاب النحل جميعا وقراء الفلسفة وعلم الكلام.
فليس من المنتظر بعد هذه القطيعة وهذا الهجاء أن يتورع القاسم عن قتل ابن الرومي إذا استطاعه، وهو مستطيعه كما استطاع قتل عم الخليفة بغير جريرة، ودبر لذلك تدبيره الذي لم يعلم به الخليفة إلا بعد موته، ومتى توعد القاسم بالحبس والقتل، فليس هو بالذي يتردد في إنجازه ووعيده، أو يعجز عنه، وليس ابن الرومي بالذي يتخذ الحيطة من مكيدة يراد بها، وهو يسأل القاسم عطفا، وينخدع في ظواهره بغير عناء. •••
وبقيت المرحلة بعد هذا قصيرة:
ذهب ابن الرومي إلى داره وهو يتوقع الموت ويتلمس الشفاء، و«لا مفر من الموت ولا من قضائه المحتوم.» كما قال، وغلط عليه الطبيب أو عز عليه دواؤه، فكانت إصابة المقدار، فتلقاه الموت آخر الأمر كما تلقته الحياة نفسا يساورها القلق، ويتوفز فيها الحس، ولا تزال من خوف الألم في ألم: اطمأنت إلى القضاء المحتوم اطمئنانها، وأبت أن تطمئن إلى آلامه وصرعاته، فاستحضرت المدية الرميضة تحاول أن تتعجل بها الموت إذا اشتدت عليها سكراته، وأبطأ نزوله، ولم تخش من ذلك عقاب الدين، وله عليها ذلك السلطان المرهوب، وللساعة عندها «هول دونه الهول»، وبعده حساب عسير لا شك فيه.
تلك خاتمة الترجمة التي استخرجناها من شعر ابن الرومي، وعثرنا فيها بتفاصيل ودقائق لا تستخرج من شعر شاعر غيره، فكأنما انتزعها من قبضة العدم انتزاعا، وتشبث بها كما تشبث بالحياة، فغلب عليها إهمال التاريخ غلبا ... والفضل في ذلك لتلك الملكة الفنية التي خلقت لتحس وتعبر عما تحسه، وتسجل تعبيرها في سجل الفنون، والتي أرهفتها الأسقام والآلام حتى أصبحت وسواسا يبالغ في تحريه واستيفائه كما يبالغ كل وسواس في التوكيد والتقرير.
هوامش
الفصل الرابع
عبقرية ابن الرومي
فرغنا في الفصل السابق من حياة ابن الرومي لنتكلم في هذا الفصل عن عبقريته، وهي زبدة حياته، والغرض الذي من أجله عاش ومن أجله يكتب الكاتبون عنه، فما تحرك في حياته حركة إلا كان لعبقريته منها نصيب أوفى نصيب، حتى لكأنه كان لا يتحرك ولا يتنفس ولا يطعم ولا يشعر إلا ليتخذ من ذلك كله مادة حياة، ويترجم ما عمل وما علم في قالب الفن ترجمة البر الأمين، وصفوة القول في هذه العبقرية: إنها كانت عبقرية يونانية لولا الإفراط والانهماك، أو إنها كانت عبقرية يونانية مكبرة الجوانب بعض التكبير.
Shafi da ba'a sani ba