124

Ibn Rumi: Rayuwarsa Ta Wajen Waƙoƙinsa

ابن الرومي: حياته من شعره

Nau'ikan

فالأقرب إلى الترجيح أنه لم يكن ذا عيب بارز ولا حسنة بارزة، وأنه لم يكن ظاهر الحسن ولا ظاهر التشويه، على أنه كائنا ما كان حظه من القسامة في صباه قد فقد ولا ريب ذلك الحظ الذي كان له حين شاخ وجاوز الخامسة والخمسين، فإننا لا نتخيل الجمال لشيخ نحيل معروق تقوس ظهره، وشحب وجهه، وانطفأ وميض عينيه، وطال عليه السقم والغم، ولم تزينه الشيخوخة بذلك التاج الفضي الذي تسبغه على رءوس الشيوخ، ولا بتلك الحلية الناصعة التي تحيط بها وجوههم بالوقار والجمال. •••

على أن ضعف البنية لم يكن ليضير ابن الرومي كثيرا في شبابه أو في شيخوخته لو أنه اعتدل في عيشه، وقوي على ضبط نفسه؛ فإن ضعاف البنية قد يعمرون ويبلغون فوق الستين التي بلغها ابن الرومي وهم في عيشة سوية، وحالة من الصحة مرضية، وربما نيف الهزيل على الثمانين وهو معافى الجسد، موقى من الأمراض التي لا يتقيها الأقوياء، ولا يحجمون عن مواقعة أسبابها، ولكن ابن الرومي كان هزيلا، وكان مع هزاله قليل التصون والاحتراس، فجنى على بدنه فوق ما جناه عليه هزاله، ولج به الحس المتوفز، فتهافت على لذات الحياة وأطايبها تهافت من لا يحب أن تفوته متعة، أو تفلت من يديه نهزة، وكبر له الخيال لذات الحس ومباهجه، فأكب على مائدة الحياة كالطفل على مائدة الحلوى لا تمنعه كظة، ولا تقمع شهوته حمية، وراح منهوما كذلك بكل لذة عقلية يلتهم المعرفة كما يلتهم اللهو والنعمة التهام من يخشى أن يذاد عنها ولما يستوف شبع شهوته منها، فجار على بنيته الضاوية، وانطلق مسرفا في درسه، مسرفا في اشتهائه، مسرفا في طعامه وشرابه، وروي له الشعر حتى في أصناف الطعام والشراب، بل روي له الشعر في هذه الأغراض حيث لا يروى له شعر غيره، قال محمد بن يحيى الصولي فيما نقله المسعودي في مروج الذهب:

أكلنا يوما بين يدي المكتفي بعد هذا بمقدار شهر - أي بعد أكلة روي فيها شعر لابن الرومي - فجاءت لوزينجة فقال: هل وصف ابن الرومي اللوزينج؟ فقلت: نعم، فقال: أنشدنيه، فأنشدته:

لا يخطئني منك لوزينج

إذا بدا أعجب أو عجبا

لم تغلق الشهوة أبوابها

إلا أبت زلفاه أن يحجبا

لو شاء أن يذهب في صحنه

لسهل الطيب له مذهبا ... ... ... ... ... ... ... ... ... ...

مستكثف الحشو ولكنه

Shafi da ba'a sani ba