Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
Mai Buga Littafi
دار الفكر العربي
Inda aka buga
القاهرة
به وجوه الناس لأنه لا يفرق بين أمير وسوقة، ويعلن ما يقول بين العامة وصغار المتعلمين، كل ذلك يجعله مخوفاً فلا بد من التضييق عليه وعلى فكره وحبس علمه في صدره، لا يخرج منه إلى غيره، وما زالوا به يرهقونه من أمره عسراً، حتى آوى آخر الأمر إلى البلد الصغير الذي كانت فيه أسرته قبل أن تخرج منها إلى قرطبة، وما تلى من الأمور فيها، عاد إلى قرية أسرته منت ليشم التابعة لأونبة من إقليم لبلة. وعكف على العلم يجد فيه العزاء ويجد فيه السراء بعد هذه البأساء، ومجىء إليه صغار الطلبة يأخذون عنه، ويلقى، ويكتب ما يكتب، حتى أخرج للأجيال تلك الكتب.
٦٠ - وقال ابن حيان في حال ابن حزم بعد أن صار هدف الناس بالأذى:
« طفق الملوك يقصونه عن قربهم، ويسيرونه عن بلادهم، إلى أن انتهوا به إلى منقطع أثره بتربة بلده من بادية لبلة، وبها توفى رحمه الله سنة ست وخمسين وأربعمائة. وهو في ذلك غير مرتدع، ولا راجع إلى ما أرادوا به بيت علمه فيمن ينتابه من بادية بلده من عامة المقتبسين منهم من أصاغر الطلبة الذين لا يخشون فيه الملامة يحدثهم ويفقههم ويدربهم، ولا يدع المثابرة على العلم والمواظبة على التأليف، والإكثار من التصنيف» (١).
ويظهر أن ابن حزم، وإن كان قد ضيق عليه في الإقامة وفي نشر آرائه، لم يكن في ضيق من العيش، فإن قريته منت ليشم أو متلجتم كانت ملكاً له ولأسرته من قبله، فقد قال عبد الله بن محمد العربي الأندلسي «القرية التي له على بعد نصف فرسخ من أونبة يقال لها متلجتم وهي ملكه وملك سلفه من قبل» (٢).
٦١ - انتهت رحلات ابن حزم إلى الإقامة في قرية ملكها أسلافه وآلت إليه، وهو لاينى عن البحث والدرس والتأليف، وشباب طلاب العلم
(١) معجم الأدباء جـ ١٢ ص ٢٤٨ طبع الرفاعي
(٢) الكتاب المذكور ص ٢٤٠
51