Ibn Hazm: His Life, Era, Views, and Jurisprudence
ابن حزم حياته و عصره آراؤه وفقهه
Mai Buga Littafi
دار الفكر العربي
Inda aka buga
القاهرة
تمهيد
١ - قال أبو مروان بن حيان في وصف ابن حزم "كان يحمل علمه، ومجادل من خالفه فيه على استرسال في طباعه وبذل بأسراره، واستناد على العهد الذي أخذه الله على العلماء من عباده، ليبيننه للناس ولا يكتمونه فلم يك يلطف صدعه(١)، بما عنده من تعريض، ويرقه بتدريج، بل يصك به معارضه صك الجندل، ينشقه متاعقه(٢)، إنشاق الخردل، فنفر عنه القلوب، وتوقع به الندوب، حتى استهدف إلى فقهاء وقته، فمالوا على بغضه ورد أقواله، فأجمعوا على تضليله، وشنعوا عليه، وحذروا سلاطينهم من فتنته، ونهوا عوامهم عن الدنو إليه والأخذ عنه، وطفق الملوك يقصونه عن قربهم، ويسيرونه عن بلادهم ... وهو في ذلك غير مرتدع ولا راجع إلى ما أرادوا به، يبث علمه فيمن ينتابه من بادية بلده من عامة المقتبسين منهم، من أصاغر الطلبة الذين لا يخشون الملامة، يحدثهم ويثقفهم ويدرسهم، ولا يدع المثابرة على العلم، والمواظبة على التأليف، والإكثار من التصنيف حتى كمل من مصنفاته في فنون العلم وقر بعير، لم تعد أكثرها بادية لتزهيد الفقهاء وطلاب العلم فيها، حتى لأحرق بعضها بإشبيلية ومزقت علانية، لا يزيد مؤلفها في ذلك إلا بصيرة في نشرها، وجدالا للمعاندة فيها، إلى أن مضى لسبيله، وأكثر معايبه فيما زعموا عند المنصف له جهله بسياسة العلم التي هي أعوص من إتقانه"(٣).
٢ - ذلك هو ابن حزم في نظر المؤرخين الذين عاصروه ، وتلك منزلته بين علماء عصره، علم واسع غزير، وفضل كبير، ولكن حدة في الجدل، وصراحة في القول، ومنهاج اختص به، جعل فقهاء عصره ينفرون منه، ويحرضون عليه الأمراء والحكام فينفونه .
(١) أي قوله الذي يصدع فيه بالحق الذي يعتقده.
(٢) المتلعق الذي يقول من غير حجة.
(٣) معجم الأدباء لياقوت = ١٢ ص ٤٨، طبع فريد الرفاعي.
10