Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence
ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه
يعظمون هذا القول، ويردونه، ويقبحون قول من قاله، فبقيت دهشًا متعجبًا. وقلت في نفسي: واعجبًا!! صار المنتسبون إلى العلم عامة أيضًا، وما ذاك إلا لأنهم سمعوا الحديث، ولم يبحثوا عن صحيحه من سقيمه، وظنوا أن من قال ما قلته قد تعرض للطعن فيما أخرجه أحمد، وليس كذلك، فإن الإمام أحمد روى المشهور والجيد والرديء، ثم هو قد رد كثيرًا مما روى، ولم يقل به، ولم يجعله مذهبًا له، أليس هو القائل في حديث النبيذ مجهول، ومن نظر في كتاب العلل الذي صنفه، أبو بكر الخلال رأى أحاديث كثيرة كلها في المسند، وقد طعن فيها أحمد، ونقلت من خط القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين الفراء في مسألة النبيذ، قال: إنما روى أحمد في مسنده ما اشتهر، ولم يقصد الصحيح، ولا السقيم، ويدل على ذلك أن عبد الله قال: قلت لأبي ما تقول في حديث ربعى بن حراش عن حذيفة؟ قال الذي يرويه عبد العزيز بن رواد؟ قلت نعم. قال الأحاديث بخلافه. قلت: فقد ذكرته في المسند!! قال قصدت في المسند المشهور، فلو أردت أن أقصد ما صح عندي لم أرو من هذا المسند إلا الشيء بعد الشيء اليسير، ولكنك يا بني تعرف طريقتي في الحديث، لست أخالف، ما ضعف من الحديث إذا لم يكن في الباب شيء يدفعه. قال القاضي، وقد أخبر عن نفسه. كيف كان طريقه في المسند، فمن جعله أصلًا للصحة فقد ترك مقصده))
وختم ابن الجوزي مقاله بقوله: «قد غمني في هذا الزمان أن العلماء لتقصيرهم في العلم صاروا كالعامة، وإذا مر بهم حديث موضوع، قالوا: قد روى، والبكاء ينبغي أن يكون على خساسة الهمم. ولا حول ولا قوة إلا بالله))
٥١-- هذا هو مسند أحمد، وهذه أقوال العلماء فيه، ومقدار الاحتجاج فيما اشتمل عليه، ولنترك الكلام إلى طريقة أحمد في الاحتجاج بالسنة لإثبات الفروع إلى موضع ذلك من القول، وهو عند بيان الأصول التي بنى عليها الفقه الحنبلي
ولنتكلم الآن في نقل ذلك الفقه
167