138

Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك، وما أنت بتابع قبلتهم، وما بعضهم بتابع قبلة بعض، ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم، إنك إذاً لمن الظالمين، وقال تعالى: وكذلك أنزلناه حكما عربيا، ولئن اتبعت أهواءهم بعد ما جاءك من العلم، ما لك من الله من ولي ولا واق. فالقرآن من علم الله ...

وفي هذه الآيات دليل على أن الذي جاءه هو القرآن، لقوله: (ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم). ولقد روي عن غير واحد ممن مضى من سلفنا أنهم كانوا يقولون: القرآن كلام الله غير مخلوق وهو الذي أذهب إليه، لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيء من هذا، إلا ما كان في كتاب الله، أو في حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، أو عن أصحابه، أو عن التابعين، فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود)).

وقد قال الذهبي بعد نقل الرسالة: قلت رواة هذه الرسالة عن أحمد أئمة أثبات، أشهد بالله أنه أملاها على ولده، وأما غيرها من الرسائل المنسوبة إليه... ففيها نظر.

١٦ - هذه رسالة صحيحة السند، ثابتة النسبة، وقد أمليت بعد ذهاب المحنة، وأحمد في شيخوخته، أي وهو في كمال استوائه العلمي، فهي تدل على رأيه الذي استقر عليه.

وهي تدل أولا بالذات على أن الخوض في مثل هذا والتعمق فيه لا يستحسنه، ولا يرضاه، وكأنه يخوض فيما يخوض فيه كارها، مضطرا، ليمنع الناس من أن يفتنوا بما يدعو إليه أهل الخصومات في الدين، ولذلك ساق ما ساق من الأخبار في صدرها، ثم ختم كلامه فيها بقوله: (لست بصاحب كلام، ولا أرى الكلام في شيء من هذا))

وتدل ثانيا على أنه يرى أن القرآن غير مخلوق، وهو ينطق بهذا تابعا للسلف الذين قالوه، ولم يبتدعه ابتداء، ولولا أنه حسب أن بعض التابعين قاله ما نطق به، ويزكي ذلك الرأي بأن القرآن كلام الله، وكلام الله غير خلق الله، وبأن القرآن أمر والأمر غير الخلق، وبأن القرآن من علم الله سبحانه وتعالى، وعلم الله غير خلقه، وقد أخذ هذا كله من نصوص الكتاب، ومن أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، وأخبار الصحابة

137