129

Ibn Hanbal: His Life and Era – His Opinions and Jurisprudence

ابن حنبل حياته وعصره – آراؤه وفقهه

ركنا من أركان الدين الثابتة بالضرورة، فهو كافر بإجماع المسلمين، لأنه إنكار لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم.

ولو سيرنا ذلك النص على عمومه لكانت الميزة التي كانت سببًا في هذا الاختصاص هي أن فرض الصلاة لعمومه، وعدم قبوله للسقوط قط، وكونها عمل الجوارح في الغدو والعشي، وفي الظهيرة، وحين نمسي - كانت شعيرة الإسلام، وكانت شعاره الذي يعلنه، ويظهره، وكانت الأمارة التي يتميز بها المسلم من الكافر، فمن لم يغش مسجداً، ولا يقيم الصلاة، ويستهين بها، فإنه لا يعد من المسلمين عند أحمد رضي الله عنه، ويزكي نظره أن الآذان كان يعتبر من مظاهر توبة المرتدين في عصر الردة، فكان عدم ظهوره أمارة الكفر، والأذان هو الإعلام بالصلاة والدعوة إليها، فالصلاة مظهر الإسلام، وعنوانه إذا لم تكن ثمة أمارة تدل عليه.

هذا توجيهنا لهذا المنقول عن أحمد رضي الله عنه، وتقريبه وتأنيسه، وإن كان النقل في ذاته غريباً.

٣ - القدر وأفعال الإنسان

٨ - لعل أظهر ما امتاز به أحمد في حياته هو التفويض المطلق لحكم الله، والخنوع الكامل لقدره سبحانه وتعالى، ففوض أموره إلى الله سبحانه وتعالى فيما غاب، وما حضر، وإن كان يتخذ الأهبة لما يحضره من الأمور، فلا يكون من الذين يتمنون الأماني، ويستسلمون، ولا يعملون؛ بل يعمل ويتوكل على ربه، مؤمناً بقدرته، وبالقدر خيره وشره.

والعبارات المنقولة عنه التي تدل على الإيمان المطلق بالقضاء والقدر خيره وشره كثيرة، وهو إيمان عميق مستمكن في نفسه أبلغ ما يستمكن الاعتقاد في نفس المؤمن، من غير أن يقعده عن العمل.

ومن ذلك ما جاء في المناقب، إذ قال: ((أجمع سبعون رجلاً من التابعين، وأئمة المسلمين، وفقهاء الأمصار على أن السنة التي توفي عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أولها الرضا بقضاء الله، والتسليم لأمره، والصبر تحت حكمه، والأخذ بما أمر

128