عجائب ما تبدت للعيان
وأسرار تراءت مبهمات
مسترة بأرواح المعاني
فوالله ما أنشدت من هذه المقطوعة بيتا، إلا وكأني أسمعته ميتا، وسبب ذلك حكمة كنت أبغي رضاها ، فما كان إنشادي لهم مع معرفتي بقلة حرمتي عندهم إلا حاجة في نفس يعقوب قضاها.»
تلك هي الرحلة الأولى، وهذا حديثها، ثم يتحدث عن الرحلة الثانية بمودتها وما فيها من صفاء وولاء، فيقول: ثم كان الاجتماع بالولي - تولاه الله - بعد ذلك بأعوام، في محله الأسنى، وكانت الإقامة معه تسعة أشهر دون أيام، في العيش الأرغد الأهنى، عيش روح وشبح، وقد جاد كل واحد منا بذاته على صاحبه وسمح.
ثم افترقنا ونحن على هذه الحال، لانحراف قام ببعض هذه المحال، فإني كنت نويت الحج والعمرة، ثم أسرع إلى محله الكريم بصخرة المقدس، وزيارة سيد ولد آدم، ديوان الإحاطة والإحصاء.
أقام في خاطري أن أعرف الولي - أبقاه الله - بفنون من المعارف حصلتها في غيبتي، وأهدي إليه - أكرمه الله - من جواهر العلم التي اقتنتيها في غربتي؛ فقيدت له هذه الرسالة اليتيمة، التي أوجدها الحق لأعراض الجهل تميمة، ولكل صاحب صفي، ومحقق صوفي.
وسميتها رسالة الفتوحات المكية، في معرفة الأسرار المالكية والملكية؛ إذ كان الأغلب فيما أودعته هذه الرسالة ما فتح الله به علي عند طوافي ببيته المكرم، أو قعودي مراقبا له بحرمه المشرف المعظم، وجعلتها أبوابا شريفة، وأودعتها معاني لطيفة؛ فإن الإنسان لا يسهل عليه شدائد البداية، إلا إذا وقع بصره على الغاية، ولا سيما إن ذاق من ذلك عذوبة الجنى، ووقع منه موقع المنى.
فإذا حصر الباب البصر، وردد عليه عين بصيرته الحكيم فنظر؛ فاستخرج اللآلئ والدرر، يعطيه الباب إذ ذاك ما فيه من حكم روحانية ونكت ربانية، على قدر نفوذ فهمه، وقوة عزمه وهمه، واتساع نفسه من أجل غطسه في أعماق بحار علمه.
لما لزمت قرع باب الله
Shafi da ba'a sani ba