Ibhaj al-Mu'minin bi Sharh Minhaj al-Salikin wa Tawdhih al-Fiqh fi al-Din

إبهاج المؤمنين بشرح منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين

Editsa

أبو أنيس على بن حسين أبو لوز

Mai Buga Littafi

دار الوطن

Lambar Fassara

الأولى

Shekarar Bugawa

1422 AH

Inda aka buga

الرياض

إبهاج المؤمنين

بشرح

مَنْهَج السَّالِكِين

وَتَوْضِيحِ الفِقْهِ في الدِّينِ

تأليف

العَلَّامَة أَبِي عَبْدِ الله

عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ نَاصِرِ السِّعْدِي رَحِمَهُ الله

١٣٠٧ هـ - ١٣٧٦ هـ

شرح فضيلة الشيخ العلامة

أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الجِبْرِين

حَفِظَهُ اللهُ وَرَعَاهُ

الجُزْءُ الأَوَّلُ

اعتنى به ورَتَّبَهُ وخرج أحاديثه

أَبُو أَنَسٍ عَلِي بْنِ حُسَيْنٍ أَبُو لُوز

دَارُ الوَطَنِ للنشر

1

إبهاج المؤمنين

بشرح

مَنْهَج السَّالِكِين

وَتَوْضِيحِ الفِقْهِ في الدِّينِ

2

حقوق الطبع محفوظة

الطبعة الأولى

١٤٢٢هـ - ٢٠٠١م

دار الوطن للنشر

الرياض - المملكة العربية السعودية

هاتف: ٤٧٩٢٠٤٢ - فاكس: ٤٧٢٣٩٤١ - ص.ب: ٣٣١٠ - الرمز البريدي: ١١٤٧١

البريد الإلكتروني: pop@dar-alwatan.com

موقعنا على الإنترنت: www.dar-alwatan.com

3

صفحة بخط يد المؤلف تحتاج إلى مراجعة

4

صفحة بخط يد المؤلف تحتاج إلى مراجعة

5

صفحة بخط يد المؤلف تحتاج إلى مراجعة

6

صفحة بخط يد المؤلف تحتاج إلى مراجعة

7

صفحة بخط يد المؤلف تحتاج إلى مراجعة

8

تقديم فضيلة الشيخ العلامة

عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين

حفظه الله ورعاه

الحمد لله الذي شرح صدر من شاء للإسلام، وتفضل على عباده بجزيل الإِنعام، وأرسل محمدًا إلى جميع الأنام، وبين له السنن والأحكام، أحمده سبحانه وأشكره على أن علمنا الحلال والحرام، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الملك العلام، القدوس السلام، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أفضل من صلى وصام، وتعبد وقام، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه البررة الكرام.

أما بعد:

فإن علم الفقه في الدين من أجل العلوم، فإن به يعرف العبد ما يجب عليه وما كلف به، فيفعل العبادات الواجبة، وتبرأ ذمته إذا فعله كما أمره الله، ويتقرب إلى الله تعالى بأنواع القربات التي يرجو أجرها وذخرها عند ربه تعالى، ويعرف ما حرمه الله عليه وما نهاه عنه من الآثام والمعاصي، وما يسبب سخط الله تعالى وغضبه.

ولذلك حث النبي صلى الله عليه وسلم على التعلم والتفقه في القرآن وتعلم السنة كما في قوله صلى الله عليه وسلم: ((خيركم من تعلم القرآن وعلمه))(١)، أي: تعلم ألفاظه وأحكامه، كما ذكر بعض الصحابة أنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل. وثبت أنه صلى الله عليه وسلم دعا لابن عباس بقوله: ((اللهم فقهه في الدين))(٢).

(١) أخرجه البخاري في فضائل القرآن رقم (٥٠٢٧)، والترمذي فيه رقم (٢٩٠٧)، وأبو داود في الصلاة رقم (١٤٥٢)، وابن ماجه في المقدمة رقم (٢١١) عن عثمان رضي الله عنه.

9

الدين))(١)، فاستجيبت دعوته لابن عمه الذي عرف بحبر الأمة وترجمان القرآن، حيث اعتبر فقيه الأمة.

ولاشك أن الله سبحانه قد تكفل بحفظ الدين كما قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: ٩]، والذكر هو: الشرع الشريف الذي بلغه النبي الكريم لأمته، وهو تضمنه هذا القرآن الكريم، وهذه السنة المطهرة، فقد قيض الله سبحانه من يهتم بهذا الدين ويحتفظ بأصوله ومراجعه، ويعتني بها حتى لا يفقد منها شيء تحس الأمة بفقده، فيقعوا في الضلال والتخرص في أمر الدين الذي هو ما أمر الله تعالی به عباده، وما نهاهم عنه، وما أباحه لهم، وما يترتب على فعله أو تركه ثواب أو عقاب، ويعم ذلك وقائع الدنیا من أول العهد إلى آخره.

وذلك لأن نبي هذه الأمة محمدًا هو خاتم النبيين وإمام المتقين، وهو المبعوث إلى جميع الخلق من البشر المكلفين، فلذلك كانت شريعته سمحة سهلة مناسبة لما وضعت له، وضعها الرب سبحانه وهو أعلم بمصالح البشر، وهو سبحانه وتعالى أعلم بأحوال عباده أولهم وآخرهم؛ فلذلك كانت هذه الشريعة صالحة لكل زمان ومكان، فمهما تغيرت الأحوال، ومهما حصل التقدم في الحياة، ووجدت الوسائل والأسباب التي سخرها الله تعالى وخلق أسبابها، وأطلع عليها من شاء من عباده فابتكروا هذه الصناعات، واخترعوا هذه المصنوعات التي يسر الله بها ما كان عسيرًا، وقرب بها ما كان بعيدًا، ومع ذلك كله فإن الشريعة الغراء لا يمكن أن يتغير شيء من أحكامها متى وجدت مبرراتها.

(١) أخرجه البخاري في الوضوء رقم (١٤٣) وفي غيره، ومسلم في فضائل الصحابة رقم (٢٤٧٧) عن ابن عباس رضي الله عنه.

10

ولا عبرة بمن أعرض عن تعلم العلم الشرعي الذي هو ميراث نبينا ﷺ وادعى أنه قد تغير وقته، وأنه إنما يناسب أولئك البدائيين الذين يسكنون في بيوت الطين والشعر، ويسافرون على الإِبل والحُمر والسفن، ويعيب الاشتغال بعلم العلماء الربانيين بأنه رجعي متأخر، ولاشك أن هؤلاء لم يفقهوا عن الله تعالى شرعه و دينه، ولم يقدروه حق قدره، فالله سبحانه عالم بكل ما حدث وتجدد قبل أن توجد أسبابه، وهو خالق كل شيء، فهو الذي وضع لعباده هذه الشريعة الغراء، وضمنها ما يحتاج إليه البشر أولهم وآخرهم، فلا يمكن أن تكون صلاحيتها مؤقتة بزمان، ولا خاصة ببلاد أو دولة معينة، فمن أعمل فكره فيها عرف اشتمال هذه الأوامر والنواهي على كل ما فيه المصلحة المحققة، وعلى كل ما يحتاج إليه البشر في هذه الحياة، فإن الله سبحانه هو أعلم بمصالح العباد في جميع أمورهم، ما يختص بالدين، وما يتعلق بالدنيا، فما حرم عليهم من المكاسب والحرف إلا ما فيه المضرة والفساد، وقد أباح لهم أنواع الحرف والصناعات والأعمال المتنوعة التي يكسبون من ورائها مالاً مباحًا لا شبهة فيه.

فدخل في ذلك علوم الهندسة والكيمياء والفيزياء ونحوها إذا لم تتعارض مع علم العقيدة وأصول الإِيمان، وكان في تعلمها طريق إلى اكتساب المال بوجه مباح، ولم يشغل عن العلم الصحيح الذي يعرف به العبد ما أوجبه عليه ربه وما حرمه عليه، ولم يشغل عن القربات والأعمال الصالحة التي ترغب في الدار الآخرة وتقرب إلى رضى الرب سبحانه.

فليست هذه الصناعات والحرف وليدة هذا الزمان، فقد تكلم فيها السابقون، وشرحوا وسائلها، وتعلموا أسبابها، لكن التطبيق الكامل إنما توفر في هذه القرون المتأخرة، ومع ذلك لا ينبغي ولا يجوز اعتقاد أنه يغير

11

مجرى الحياة، ولا عقيدة المسلمين.

بل الواجب على المسلم في كل زمان ومكان أن يؤمن بالله ربّاً وخالقًا ومدبرًا، وأن يعتقد وجوب حقه على العباد، وأن يلتزم بطاعته وامتثال ما أمر به وتجنب ما نهى عنه، وأن يستعد للقائه، ويؤمن بالبعث بعد الموت، والجزاء الأخروي على الأعمال، ولا يرده هذا الاعتقاد عن التعلم في المدارس الجديدة، ولا عن التمتع بما سهله الله ويسره في هذه الحياة، فينتفع بالتيار الكهربائي في الإضاءة والتبريد ونحوهما، ويركب السيارات والطائرات والبواخر البحرية، وينتفع بالمضخات والماكنات التي تستعمل في حاجات الناس، والتي يسرها الله وسهل أسبابها، فحصل بها نفع كبير في أمور الدين والدنيا، في نشر الكتب، وفي سماع البعيد، وفي نقل الأصوات والعبارات، فكل ذلك من خلق الله تعالى وتيسيره لعباده، ولو كان جديدًا على الأمة، ولا يضر ذلك عدم ذكر أكثره في النصوص مفصلاً، حيث إن الأولين قد يستغربون أن الحديد يتكلم ويسير ويطير إلخ.

ومع ذلك كله فإن المسلم يعتقد أن هذه الشريعة كاملة وافية بحاجة البشر فيما يتعلق بالدين والدنيا، وذلك من حيث اشتمالها على النصوص والأدلة التي يفهم منها قواعد كلية يتفرع عنها أعداد من الوسائل والأمثلة والوقائع، بحيث يستدل بعمومها أو خصوصها على ما يتجدد في هذا الكون من أمور الدين والدنيا.

وقد ابتلينا أيضًا في هذه الأزمنة بأقوام تسموا بالإِسلام، ولكنهم قنعوا بمجرد الانتماء دون التحقق بما فيه من الطواعية والامتثال، بحيث قصروا الإِسلام على الأعمال الدينية في المساجد والمعتكفات، وأرخوا لأنفسهم الأعنة في أمور الحياة، واستباحوا كسب المال من الوجوه المحرمة، وزعموا

12

الحرية في أنفسهم وأموالهم، وادعوا أن الشرع لا يمكن أن يحجر عليهم المكاسب المناسبة لهم، ولو كانت محرمة شرعًا، فأباحوا المعاملات الربوية بأغلب أنواعها، وتعاملوا بربا الجاهلية، وكذا توسعوا في إباحة كسب المال عن طريق الغش وأخذ الرشوة والغلول، فعندهم أن الحلال ما حل بيدك، أو أنه حصل عن رضى وقناعة من المتعاملين، ولم يعتبروا ما علل به الشرع من الأضرار والمفاسد التي تترتب على تلك المعاملات.

ولاشك أن هؤلاء قد خرجوا من سمة الاتباع، وصدق الانتماء إلى الإسلام، بل يخاف عليهم أن يكونوا من المنافقين الذين يعملون مع المسلمين في الظاهر، ولكنهم في الباطن يخالفونهم، ويتعاملون مع أعدائهم، أو أنهم من اليهود والنصارى الذين حكى الله عنهم أنهم يقولون نؤمن ببعض، ونكفر ببعض، وعابهم بقوله: ﴿أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ﴾. [البقرة: ٨٥].

فإن المؤمن حقّاً يلتزم التقبل لكل ما جاءت به هذه الشريعة ويتقيد بتعاليمها ولو لم تظهر له الحكمة في التشريع؛ لإيمانه بأن الذي كلف بها هو الخالق الذي هو أعلم بمصالح عباده، فيرضى ويُسلِّم ويستسلم لأمر ربه، ويبتعد عن كل ما حرم الله تعالى، ويعتقد أنه سبحانه حرم أكل الربا؛ لأنه أخذ للمال بالباطل ولو تراضى الطرفان، وكذا يقال في تحريم الرشوة وفي تحريم الزنا ولو بذلت المرأة نفسها باختيارها، وتحريم ما يفسد العقول من المسكرات والمخدرات، ولو كانت لذيذة في المطعم، وهكذا جميع ما اشتملت عليه هذه الشريعة المطهرة.

ولا يعتقد أن الرسل والأنبياء اقتصروا على تبليغ العبادات البدنية

13

كالصلاة والصوم والحج والعمرة، والصدقة المفروضة ونحوها، فإن هذا اعتقاد خاطئ انتحله هؤلاء العلمانيون مخالفين لما تحويه النحلة والشريعة، ليبيحوا لأنفسهم ما تميل إليه من المعاصي والمخالفات، فعلى المؤمن ألا ينخدع بشبهاتهم وتمويهاتهم التي هي كسراب بقيعة.

ولا عبرة بكثرة هؤلاء المخالفين وتمكنهم في كثير من الدول من القيادة والسيادة والسيطرة، وسطوتهم على أهل الحق وإلزامهم الجمهور بما يختارونه من تبرج النساء، وكشف الوجوه، ومن حلق اللحى، وترك الصلاة، ظنًا منهم أن هذا هو سيما أهل الطاعة والموافقة، ومن خالف ذلك رموه بالإرهاب والعصيان والمخالفة والشذوذ، والتعصب والغلو والتزمت، ونحو ذلك من العبارات المنفرة عن الحق المبين.

وبعد:

فإن من فضل الله تعالى أن قيض لهذه الأمة من يحفظ عليها دينها، ويشغل بذلك وقته، ويبذل في ذلك جهده، لتقوم الحجة على المتأخر كالمتقدم، ولا شك أن الاشتغال بذلك هو العلم الصحيح الذي يحصل به نفع الأمة ونجاتها، وسلامتها من الجهل والضلال، ولقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بمن يحمل الشريعة ويعمل بها ويعلمها من هذه الأمة، وأنهم خيرها وصفوة أهل الإِيمان، فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا، فكان منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله به الناس، فشربوا منها وسقوا وزرعوا، وأصاب طائفة أخرى إِنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلاً، فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثني الله به فعلم وعلم، ومثل من لم يرفع بذلك

14

رأسًا، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به))(١) متفق عليه.

وهو مثل موافق للواقع؛ فإن من العلماء من اشتغل بحفظ النصوص واستظهارها، وحرص على أدائها كما هي، وحافظ عليها أن يدخلها تغيير أو تبديل، أو نقص أو زيادة، فهؤلاء هم حفاظ الأمة، قيضهم الله لحفظ الشريعة حتى لا تلتبس بغيرها، وهناك آخرون كان شغلهم الشاغل هو التفقه في هذه النصوص، والاستدلال بها، وتطبيقها على وقائع الأمة، واستنباط الأحكام منها، فكانوا مرجعًا للعامة عند حلول الوقائع، وتجدد المسائل، وهؤلاء هم فقهاء الأمة وعلماؤها، وأفضل منهم من جمع بين الحفظ والاستنباط، والتفقه والاستدلال، فرزقهم الله الحفظ القوي والذكاء في الأفهام، وقوة الذاكرة، والقدرة على الاستدلال بالنصوص على الوقائع، ومن هؤلاء الأئمة الأربعة الذين انتشرت مذاهبهم وكثر أتباعهم، وإن كانوا متفاوتين في هذه الصفات، وقد تبعهم الكثير من علماء الأمة، وأشغلوا أوقاتهم بتدوين ما فتح الله عليهم في العلوم والأحكام، وسموا تلك العلوم بفقه الأوامر والنواهي، وكثرت مؤلفاتهم قديمًا وحديثًا، وأقبل العلماء على تلك المؤلفات بالشرح والإيضاح، والتعليق والاختصار والإتمام.

وكان من المتأخرين الذين كتبوا في علم الفقه العالم الجليل، عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله آل سعدي، من علماء القصيم، توفي رحمه الله تعالى في عام ست وسبعين وثلاثمائة وألف للهجرة، فقد كتب في الفقه عدة رسائل ومسائل، ومن أشهرها رسالة مختصرة احتوت على أهم علوم

(١) أخرجه البخاري في العلم رقم (٧٩)، ومسلم في الفضائل رقم (٢٢٨٢).

15

الفقه سماها (منهج السالكين(١) وتوضيح الفقه في الدين)، وقد طبعت هذه الرسالة عدة طبعات، وانتفع بها الكثير ممن أراد الله به خيرًا؛ حيث إن المؤلف رحمه الله تعالى أوضح ما عبر به، واستدل بكثير من النصوص، وساق الأحاديث كمسائل، فلا جرم كانت محل إعجاب، ونفع الله بها المبتدي والمنتهي، وفي علمي أنها لم تحظ بشرح يوضح معانيها، ويجلي ما أجمل فيها.

وحيث إن المؤلف رحمه الله تعالى معه سعة اطلاع على المؤلفات القديمة والحديثة، سيما على مؤلفات شيخ الإسلام ابن تيمية، حيث نراه كثيرًا يميل إلى اختياراته وترجيحاته، لكنه في هذه الرسالة غالبًا يتقيد بمذهب الإمام أحمد، ولا يتعرض للمسائل المرجوحة، أو للخلاف القوي بين العلماء، بل يقتصر على المسائل القريبة، ويؤيدها بالدليل من الكتاب والسنة، أو يذكر ما ترجح عنده وإن خالف المذهب الحنبلي إذا كان الدليل يؤيده، ولإِيثاره الاختصار قد يترك بعض الأبواب لندرة مسائلها، وكذا يقتصر في بعض الأبواب على المسائل المشهورة دون النادرة.

وبالجملة فإن هذه الرسالة تعتبر زبدة الفقه، رغم اختصارها، لسهولة العبارة، وكثرة الأدلة، ووضوح المعاني.

ثم إن وزارة الشؤون الإسلامية في عام ١٤١٦ هـ وافقت على دورات صيفية في المساجد المشهورة بالرياض، ومن جملتها مسجد شيخ الإسلام ابن تيمية في حي سلطانة بالرياض، فاختير لمادة الفقه هذه الرسالة، وأسند إليّ شرحها على الجمهور الحاضرين، الذين يزيد عددهم عن الألفين.

(١) الصحيح: (السالكين)، وقد كتبها الشيخ (القاصدين) سهواً.

16

فالتزمت بشرحها، ولقصر مدة الدورة التي هي ثلاثة أسابيع التزمت الاختصار في الشرح، دون التوسع والبسط في المسائل الخلافية، ودون ذكر التعليلات والحكم والمصالح التي تترتب على العبادات والمعاملات، فيسر الله تعالى بمنه إتمام شرحها في تلك المدة الوجيزة، مع أن الزمن هو ما بين العشائين، وقد يمتد إلى بعد صلاة العشاء الآخرة.

وبعد أن أكملنا شرحها وسجلت في بعض محلات التسجيل، قام بعض الطلاب بتفريغها ونسخها من الأشرطة، وتصحيحها، وعرضت علي بعد التفريغ، فصححت الكثير من العبارات، وحذفت بعض الجمل المتكررة أو الكلمات الزائدة، وحرصت على تصحيح العبارة، ووضوح المعاني، وقام بعض الإخوان بتخريج الأحاديث التي ذكرتها في الشرح، حيث إني أوردتها ارتجالاً، ولابد أن يقع فيها شيء من التغيير والرواية بالمعنى، وقد تم عزوها إلى أماكنها باختصار، دون التعرض للحكم على الحديث إلا ما ينقل عن كتب الشيخ محمد ناصر الدين الألباني من تصحيح وتحسين، وكذا وقعت الإحالة أيضًا في بعضها إلى أماكنها من شرح الزركشي على مختصر الخرقي الذي قمت بتحقيقه وتخريج أحاديثه وترقيمها، وطبع في سبعة مجلدات فإن المراجع فيه موثقة.

وبكل حال فهذا الجهد، وعلى الله التكلان، فما كان فيه من خطأ ونسيان فهو من نفسي ومن الشيطان، والصواب من الله وبتوفيقه، ومن عثر على خطأ أو تحريف وجزم بذلك فعليه إصلاحه وتصحيحه، فإن الإنسان محل النسيان، لكن لا يتسرع بالإصلاح إلا بعد الجزم واليقين، ونسأل الله العفو عن الذنوب، وستر الزلات والعيوب، ونسأله أن ينفع به قارئه وكاتبه

17

وناشره، وأن يعم بالخير جميع المسلمين، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ويصلح أئمة المسلمين، ويجعلهم هداة مهتدين، والله أعلم وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم.

الشارح

عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله الجبرين

١٤١٨/٥/١٥ هـ

18

مقدمة المعتني بالكتاب

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله القائل: ((من يرد الله به خيرا يفقه في الدين))(١).

أما بعد:

فبين يديك أخي القارئ شرح كتاب ((منهج السالكين وتوضيح الفقه في الدين)) لعلامة القصيم الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله، الذي قام بشرحه فضيلة شيخنا الشيخ العلامة الإمام عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين حفظه الله ورعاه، في إحدى الدورات العلمية بالرياض، وقد قام بتسجيله بعض التسجيلات، وقد طلبت من الشيخ نسخه من الأشرطة والاعتناء به وطبعه، فأذن لي بذلك فجزاه الله خير الجزاء، ونفع بعلمه، وأطال في عمره على طاعته إنه سميع مجيب.

وقد كان عملي في الشرح على النحو التالي:

أولاً: قمت بنسخ الأشرطة المسجل عليها شرح الكتاب في أوراق، والتي بلغت ثلاثة وعشرين شريطاً، زمن كل شريط ساعة ونصف الساعة، وذلك بالتعاون مع بعض الأخوان.

ثانياً: قمت بمقابلة المنسوخ على الأشرطة بنفسي للتأكد من سلامته

(١) تقدم تخريجه.

19

واستدرك ما يقع من سقط أو خطأ ونحو ذلك.

ثالثاً: قمت بقراءة الشرح قراءة متأنية، لإعداده وتجهيزه ليكون صالحاً للنشر، وذلك بحذف بعض العبارات المكررة، وضبط المتن مع الشرح ونحو ذلك مما يحتاج إليه أثناء التصحيح وضبط الجمل، ولا شك أن أسلوب الإلقاء يختلف عن أسلوب الكتابة، كما هو معلوم.

رابعاً: قمت بعزو الآيات إلى موضعها في المصحف.

خامساً: قمت بتخريج الأحاديث والآثار بقدر المستطاع.

سادساً: إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما فإنني أكتفي بالعزو إليهما، أو إلى أحدهما؛ لأن المقصود معرفة صحة الحديث.

سابعاً: الأحاديث التي في غير الصحيحين، فالغالب أنني أنقل حكم الألباني رحمه الله عليها بعد عزوها، أو غيره من المحققين.

ثامناً: بعد ذلك كُتب الشرح على جهاز الكمبيوتر.

تاسعاً: عرضت الشرح على أحد المتخصصين في اللغة العربية لمراجعته ومقابلته على الأصول، كما قام أحد طلبة العلم أيضاً بمراجعته وتدقيقه.

عاشراً: بعد ذلك تم عرض الشرح على الشارح فضيلة الشيخ عبدالله بن جبرين لقراءته، فأضاف الشيخ وحذف ما أراد، وعزا الكثير من الأحاديث إلى شرح الزركشي، الذي حققه ونال به درجة الدكتوراه؛ حيث أنه توسع هناك في التخريج والحكم على الأحاديث، وقد بذل الشيخ حفظه الله جهداً كبيراً في التصحيح والتنقيح مع كثرة أشغاله وضيق وقته.

حادي عشر: الأحاديث التي فاتني تخريجها، قام الشيخ بتخريجها، لذا كتبت بعد تخريج كل حديث خرجه الشيخ عبارة [قاله الشيخ ابن جبرين].

20