ويقال : زبالة أسهل منه ، فإذا جاوزت ذلك استقبلت الرمل ، فأول رمل تلقاه يقال لها : الشيخة (1). قال الأعشى :
ألا تقنى حياءك أو تناهى
بكاءك مثل ما يبكي الوليد
وفي واقصة شاهد شقيق البلخي كرامة من الإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) ، كما ذكرها صاحب مطالب السؤول (2)، قال : عن هشام بن حاتم الأصم ، قال لي أبي حاتم : قال شقيق البلخي : خرجت حاجا في سنة تسع وأربعين ومئة فنزلت القادسية ، فبينا أنا أنظر إلى الناس في زينتهم وكثرتهم ، فنظرت إلى فتى حسن الوجه ، شديد السمرة ضعيف ، فوق ثيابه ثوب من صوف مشتمل بشملة وفي رجليه نعلان ، وقد جلس منفردا ، فقلت في نفسي : إن هذا الفتى من الصوفية يريد أن يكون كلا على الناس في طريقهم ، والله لأمضين إليه ولأوبخنه. فدنوت منه ، فلما رأني مقبلا قال : «يا شقيق ، اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم (3)». قال : ثم تركني ومضى ، فقلت في نفسي : إن هذا لأمر عظيم ؛ قد تكلم بما في نفسي ، ونطق باسمي ، ما هذا إلا عبد صالح ، لألحقنه ولأسألنه أن يعفو عني. فأسرعت في أثره فلم ألحقه وغاب عني ، فلما نزلنا واقصة إذا به يصلي وأعضاؤه تضطرب ، ودموعه تجري. فقلت : هذا صاحبي أمضي إليه وأستحله. فصبرت حتى جلس ، وأقبلت نحوه ، فلما رآني مقبلا قال لي : «يا شقيق ، اتل : وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى (4)». ثم تركني ومضى ، فقلت في نفسي : إن هذا الفتى لمن الأبدال ؛ قد تكلم بسري مرتين. فلما نزلنا زبالة وإذا بالفتى
Shafi 91