73

وبالاقتراب من آيرين يمكن رؤية بعض الشعر الأسود الناعم الذي نما على ساعديها، وهناك أيضا بعض الشعر على وجنتيها أمام أذنيها مباشرة.

واستطاعت وهي تقف جانبا أن تراقب كل ما تفعله جولييت؛ فرأتها وهي تعبث بمقابض الموقد (حيث لم تتذكر في البداية ما الشعلة التي يتحكم بها كل مقبض)، وراحت تتطلع لها وهي تنتشل البيضة من القدر الصغيرة، وتنزع القشرة (التي التصقت هذه المرة، وخرجت على شكل فتات صغيرة، بدلا من أن تخرج بسهولة على شكل قطع كبيرة)، ثم راقبتها وهي تختار أحد الأطباق كي تهرسها فيه. «أنت لا تريدينها أن تسقط ذلك الطبق على الأرض؟» كان هذا إشارة إلى الطبق الصيني الذي اختارته جولييت. ثم استأنفت متسائلة: «ألم تحضري معك طبقا بلاستيكيا؟»

قالت جولييت: «سأراقبها.»

واتضح أن آيرين كانت أما هي الأخرى؛ فلديها صبي يبلغ من العمر ثلاث سنوات، وابنة لم تبلغ عامين، وكان اسماهما تريفور وتريسي. لقي والدهما مصرعه الصيف الماضي في حادث بمزرعة للدواجن حيث يعمل. وهي نفسها كانت تصغر جولييت بثلاثة أعوام؛ فكانت تبلغ الثانية والعشرين من العمر. جاءت المعلومات بشأن الأطفال والزوج كإجابة على تساؤلات جولييت، واستطاعت أن تعرف عمرها من خلال ما قالته لاحقا.

قالت جولييت: «إنني جد آسفة.» كانت تتحدث عن الحادثة، وشعورها بأنها كانت فظة بتطفلها، وأنه نوع من الرياء أن تحاول مواساتها الآن. فقالت آيرين: «لا بأس. وقع الحادث في عيد ميلادي الحادي والعشرين، كما لو أن المصائب تجتمع كما تتجمع الأحجار في القلادة.»

بعد أن تناولت بينيلوبي كل البيض الذي تقبلته، حملتها جولييت ساندة إياها على عظام وركها وصعدت بها إلى الطابق العلوي.

وتنبهت في منتصف المسافة إلى أنها لم تغسل الطبق.

لم يكن هناك مكان تترك فيه الطفلة التي لم تمش بعد، لكنها كانت تزحف بسرعة كبيرة، ولم يكن من الممكن بالطبع أن تتركها في المطبخ حتى ولو لمدة خمس دقائق وسط المياه التي تغلي في المعقم، والمربى الساخنة، والسكاكين الحادة، وسيكون عبئا إضافيا على آيرين لو طلبت منها أن تراقبها. وكان أول شيء فعلته بينيلوبي هذا الصباح هو رفض صداقة سارة؛ لذا حملتها جولييت وصعدت بها السلم الذي يؤدي إلى الغرفة العلوية أسفل السقف مباشرة - وأغلقت الباب وراءها - ووضعتها على الدرج لتلهو، بينما راحت هي تبحث عن بيت اللعب القديم، ولحسن الحظ كانت بينيلوبي خبيرة في اللعب على الدرج.

كان المنزل على ارتفاع طابقين، وكانت الغرفه ذات سقف عال ولكنها كانت مربعة، أو هكذا تبدو لجولييت الآن، وكان السقف مائلا بشدة، فيكون بإمكانك أن تتجول في منتصف الغرفة العلوية. وقد اعتادت جولييت أن تفعل هذا عندما كانت طفلة صغيرة؛ فكانت تتجول بالغرفة وهي تقص لنفسها بعض الحكايات التي قرأتها، مع بعض الإضافات أو التعديلات، وكانت ترقص أيضا أمام جمهور خيالي. وكان الجمهور الحقيقي يتكون من قطع الأثاث المكسورة أو المهملة؛ حقائب قديمة، معطف ثقيل وضخم من فراء الجاموس الأبيض، بيت خشبي لطائر السنونو الأرجواني (وكان هدية من أحد طلاب سام منذ فترة طويلة، والذي فشل في اجتذاب أي من طيور السنونو)، خوذة ألمانية من المفترض أن جد سام أحضرها من الحرب العالمية الأولى، لوحة كوميدية على نحو غير مقصود لهاو تعبر عن غرق سفينة «إمبراطورة أيرلندا» في خليج سانت لورانس، بينما تقفز منها شخصيات صغيرة الحجم في كل اتجاه.

وهناك كانت لوحة «أنا والقرية» موضوعة أمام الحائط، ووجهها للأمام؛ لم يكن هناك أي محاولة لإخفائها، ولم تكن تعلوها ذرات الغبار؛ مما يعني أنها لم توضع هنا منذ فترة طويلة.

Shafi da ba'a sani ba