لقد أدركت أن إيريك قد مات.
طيلة تلك المدة عندما كانت في فانكوفر بدا الأمر كما لو أنه كان ينتظر في مكان ما؛ ينتظر ليرى ما إذا كانت ستواصل حياتها معه، كما لو أن البقاء معه كان خيارا لا يزال متاحا؛ فهي تعيش حياتها منذ أن أتت إلى هنا دون أن تسدل الستار على إيريك، دون أن تتفهم تماما أن إيريك لم يعد له وجود، لم يعد متبقيا منه شيء؛ فقد ذوت ذكراه في العالم اليومي والعادي.
إذن هذا هو الحزن. فشعرت كما لو أن جوالا من الأسمنت قد سكب فوقها وسرعان ما تحجر. استطاعت الحركة بالكاد. صعدت إلى الحافلة ثم هبطت منها، وقطعت مسافة قصيرة حتى منزلها (لماذا تقطن هنا؟) تشبه تسلق جرف. والآن لا بد وأن تخفي هذه المشاعر عن بينيلوبي.
وعلى طاولة العشاء بدأت ترتعد، ولكنها لم تستطع فتح أصابعها لإسقاط السكين والشوكة. استدارت بينيلوبي حول الطاولة وفتحت يديها بصعوبة. قالت: «إن لهذا علاقة بأبي، أليس كذلك؟»
قالت جولييت بعد ذلك لعدد قليل من الناس - مثل كريستا - إن تلك الكلمات كانت الأكثر تحريرا من شعورها بالذنب والأكثر عطفا، والتي سبق وأن سمعتها من أي شخص.
راحت بينيلوبي تدلك ذراعي جولييت من الداخل لأعلى وأسفل، واتصلت بالمكتبة في اليوم التالي وأخبرتهم أن والدتها مريضة، وظلت تعتني بها لبضعة أيام؛ حيث تغيبت عن المدرسة حتى تعافت جولييت، أو حتى انتهى، على الأقل، الجزء الأسوأ من الأمر.
وخلال هذه الأيام أخبرت جولييت بينيلوبي بكل شيء؛ أخبرتها عن كريستا، والشجار، والمحرقة على الشاطئ (وهو الأمر الذي استطاعت أن تخفيه عنها، بما يشبه المعجزة). أخبرتها بكل شيء. «ما كان يجب أن أثقل كاهلك بكل هذا.»
قالت بينيلوبي: «آه، حسنا، ربما لا.» ولكنها أضافت برباطة جأش: «أسامحك. أعتقد أنني لست طفلة.»
عادت جولييت إلى العالم، وتكررت ثانية هذه النوبة التي داهمتها في محطة الحافلة، ولكن ليس بمثل هذه القوة.
أثناء عملها البحثي في المكتبة، قابلت بعض العاملين في قناة بروفينشال تليفيجن، وقبلت بالوظيفة التي عرضوها عليها. ظلت تعمل هناك قرابة العام قبل أن تبدأ في عقد مقابلات؛ فكل هذه الكتب العشوائية التي قرأتها طوال سنوات (والتي لم تكن تحظى بإعجاب إلو في الأيام التي قضتها في ويل باي)، وكل هذه المعلومات التي اكتسبتها، وذوقها العشوائي واستيعابها السريع، باتت أمورا أسدتها كثيرا من النفع الآن. كذلك فإنها نمت لديها شعورا بالتواضع وأسلوبا استفزازيا بعض الشيء بدا أنه يساعدها في عملها. وأمام الكاميرا، لم يكن يقلقها أي شيء تقريبا. بالرغم من أنها عندما تعود للمنزل، فإنها تذرعه جيئة وذهابا، منفسة عن تشنجاتها أو سبابها عندما تتذكر خطأ أو ارتباكا ما أو ما هو أسوأ؛ خطأ في النطق. •••
Shafi da ba'a sani ba