Yancin Dan Adam da Kimiyya: Matsalar Falsafa
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
Nau'ikan
التي حاول بها تشييد التركيب النهائي المنظم للعلم المعاصر له، وفي الآن نفسه إنقاذ الحرية عن طريق دعوته إلى فلسفة للشعور، وليس فلسفة للاشعور، رفض فوييه اعتبار الظاهرة الوجدانية عرضا طارئا على التغير العصبي، كما يقول الماديون، فإنها لو كانت كذلك، لكانت عديمة النفع للحياة وأن قليلا من التأمل يرينا أن الفكرة (أي الظاهرة الوجدانية) هي قوة تبعث فكرات أخرى، وتدفع إلى العمل، أجل إن كل فكرة هي قوة وميل للحركة يتحقق من تلقاء ذاته، إذا لم تعارضها فكرة أخرى، فلا ينبغي التمييز بين عقل وإرادة، أو بين فكرة معلومة فحسب وفعل يحققها.
13
ولتطبيق «الفكرة/القوة» على الحياة النفسية يصل فوييه إلى علم نفس تركيبي، وبتطبيقها على الاجتماع يصل إلى أن «الأفكار» أشكال للشعور الاجتماعي حاضرة في الشعور الفردي، وبتطبيقها على الوجود بأسره وصل إلى تطورية دارونية، على أن عوامل التطور نفسية لا آلية، ولما كانت الأفكار قوى فما علينا إلا أن نجعل الحرية فكرة لتصبح قوة، أي أن نؤمن بها فتصير أمرا واقعا، وبهذا تصبح الحرية «وليدة اعتقادنا بالحرية وحبنا لها»
14
على اعتبار أنها تنحصر في شعورنا في فعل هذه الفكرة (فكرة الحرية) في نفوسنا، وما يستتبع ذلك من عمل على تحقيق تلك الفكرة تدريجيا في الحياة الشخصية، والحرية بهذا مثل أعلى ينبغي العمل على بلوغه في تقدم مطرد.
15
تصور فوييه أنه بهذا أنقذ الحرية والأخلاق والحياة الروحية، غير أنه في الحقيقة لم يفعل شيئا وانتهى مثل رائده لاشيليه إلى نفس الموقف: الحتمية الصارمة؛ حتى يمكن الحكم بأن نظريته أضعف نظرية في هذا التيار بفرعيه، برغم أنه أكثرهم إنتاجا، ولكنه أيضا أقلهم دقة، فهو أولا واحدي روحي، والواحدية أفضت وكان لا بد وأن تفضي به إلى الحتمية، وهو ثانيا: اصطفائي توفيقي «على الرغم من نزعته الروحية الصريحة، يؤمن بإمكان قيام توفيق متعدد الجوانب بين المثالية والوضعية، بين العيانية والنزعة العقلية، الفلسفة والعلم، وبين الحتمية والحرية»، فأقر بحاجتنا المطلقة إلى حتمية في المعرفة وإلى نوع من اللاحتمية في العمل، ولم تكن نظريته إلا محاولة للتوفيق بين الحتمية والحرية كما ينص عنوان كتابه «الحرية والحتمية» سنة 1872، وذلك هو المحال، والذي انتهى به إلى حرية هي عينها اللاحرية، أو كما قال هو نفسه حرية علية معقولة للذات تتجلى وتعبر عن نفسها في حتمية معلولاتها وآثارها، أعني في آلاتها وأعضائها (وسائلها) وتتجلى أولا كفكرة ثم كرغبة ثم كمحبة، على هذا الشكل الأخير تكون حقا الروح الحية لهذا الجسم الباطن، وفي المحبة تكون الضرورة مشمولة بالحرية،
16
والحرية مشمولة بالضرورة، ولا حرية حقيقية؛ ولهذا كان جول لكي أفضل منه، بل وأفضل من لاشيليه حين أدرك أن الحرية لا تثبت إلا بحرية، وقصارى ما نستطيع استخلاصه من فوييه هو أنه رأى ببساطة غريبة ومرفوضة - طالما لم يأت بمبررات - أن الإبستمولوجيا للحتمية والأنطولوجيا للحرية.
إنه إذن يكاد يكون من زاوية ما مجرد تعميق للشيزوفرينيا، يضع الإبستمولوجيا والأنطولوجيا في موقف التعارض الصريح!
Shafi da ba'a sani ba