Yancin Dan Adam da Kimiyya: Matsalar Falsafa
الحرية الإنسانية والعلم: مشكلة فلسفية
Nau'ikan
إلا في أن العلم قد توصل إلى علة سرقة الثاني، ولم يتوصل إليها بعد بشأن الأول، وسوف يتوصل يوما ما، وكلما جعلنا العلم ندرك أكثر العلل الضرورية التي تحكم الأحداث والأفعال، جعلنا أكثر إدراكا للحتمية الكونية، وبالتالي لسذاجة المسئولية الخلقية وأحكام الأخلاق.
وكما يقول جون هوسبرز: «لنلاحظ أننا كلما عرفنا بشمولية أكثر العوامل العلية التي تقود الشخص إلى أن يتصرف كما تصرف، ازداد ميلنا لإعفائه من المسئولية.» لقد حاول هوسبرز إثبات أن الإنسان لا يستطيع أن يفعل سوى ما يفعله، وأنه بالتالي ليس مسئولا عن أي من أفعاله، وعن طريق تحليل عديد من الأمثلة لشتى أنواع الأفعال والتصرفات، من تلك التي تبدو وكأنها إرادية تماما ومتعمدة، حتى تلك التي تبدو لا إرادية ولا دخل للحرية فيها، وكانت جهود هوسبرز على أساس منهاج التحليل النفسي لفرويد وخلفائه، وهو يؤكد أن علماء هذه المدرسة وغيرها من مدارس علم النفس، يستطيعون التنبؤ بالسلوك المحتوم على كل وأي إنسان أن يأتي به، ومن هذا ينتهي إلى أن الإنسان ليس مسئولا البتة، ولا ينبغي معاقبة أي مجرم على جريمة يرتكبها، بل الأحرى أن نعاقب الطبيعة أو نعاقب والديه؛ لأنهما خلعا عليه ذلك التكوين أو المزاج التعس.
54
المجرم نفسه غير مسئول عن العلة «أ» أي سلسلة الأحداث التي حدثت له في طفولته المبكرة، وبالتالي فهو غير مسئول عن المعلول «ب»، أي عن الأحداث التي تحدث له في رشده، وكلها أحداث فرضتها عليه التوترات العصبية.
55
وبالطبع معاقبة الطبيعة مزحة، على سبيل الهزء من أنصار الحرية، ولا يبقى إلا معاقبة الوالدين، وهما يحيلانا إلى معاقبة والديهما ... وهكذا حتى آخر السلسلة العلية الحتمية، والتي لا تنتهي بآدم وحواء، يريد هوسبرز أن يخلص من هذا إلى أننا نعاقب المجرم وكأنه لا أخلاقي ونحن أخلاقيون، بينما الأمر الواقع أنه غير محظوظ ونحن محظوظون.
56
بعبارة أوضح: لأن العالم حتمي ، لا يوجد شيء اسمه الأخلاق أو المسئولية، وقانون العقوبات كيان لا عقلاني بل وجائر أصلا وفروعا! وعلى الرغم من أن هوسبرز، كأي حتمي، لا يستطيع - كما يعترف - أن يفقه أي معنى للاحتمية؛ لأنه لا يستطيع أن يتصور حدثا غير معلل، فإنه لكي يجاري التيار المعاصر يحاول أن يزيح الحتمية جانبا قائلا إنها لا تعدو أن تكون فرضا مبهما وكل ما في الأمر أن الإنسان ليس علة شخصيته، وليس له تحكم في المؤثرات التي أثرت عليه، وجعلته على ما هو عليه، وبالتالي صدرت عنه تلك الأفعال، وهذا سار، سواء سلمنا بالحتمية أو باللاحتمية،
57
وذلك بالطبع تلاعب بالألفاظ، فماذا يمكن أن تكون الحتمية العلمية غير العلية الكاملة التي أكدها، وماذا تكون اللاحتمية سوى نفي هذا، من المسلم به في كافة الدراسات التي تعرضت لهوسبرز، إنه يعطينا أقوى صورة للحتمية الصارمة التي تنفي أي معنى للحرية والمسئولية، واضعة الأخلاق في معضل، لا مخرج منه إلا بالإنسان اللاأخلاقي. (11ج) انبرى علماء الاجتماع الفرنسيون على وجه الخصوص للدفاع عن معضل الأخلاق في عالم العلم الحتمي، ومحاولة رفعه إلى مستوى البديهيات والمسلمات، وذلك من منطلق رغبتهم في تشييد ما دعا إليه جون ستيوارت مل صديق إمامهم كونت من علم أخلاق وضعي
Shafi da ba'a sani ba