82

ومهما عمل الإنسان من عمل وفيه شائبة من الرياء والمنة فإنه من الخاسرين الذي يحسبون أنهم يحسنون صنعا ، والمسكين مثاب على ما أصابه من الفقر إذا صبر وشكر لأن الله لم يفقره إلا لينظر صبره ، ولم يغن الغني إلا لينظر شكره ، والأغنياء وكلاء الله فليعطوا عباد الله الضعفاء ولا يبخلوا أبدا ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : ( إن الله جل جلاله في آخر ساعة تبقى من ساعات الليل يأمر ملكا ينادي فيسمع ما بين الخافقين ما خلا الإنس والجن ألا هل من مستغفر فيغفر له ، هل من تائب يتب عليه ، هل من داع بخير يستجب

له ، هل من سائل يعط سؤله ، هل من راغب يعط رغبته ، يا صاحب الخير أقبل يا صاحب الشر أقصر اللهم أعط كل منفق مال خلفا ، وأعط كل ممسك مال تلفا ) (1) .

يقال إن رجلا من بني إسرائيل كان يتناول الطعام مع زوجته ذات يوم فطرق الباب عليهما طارق .

قالوا : من الطارق ؟

قال : سائل يطلب إحسانا .

وكان أمام الرجل دجاجة فقالت زوجته : أعطه شيئا منها .

فقال لها زوجها : لا .

وبعد ذلك طرد السائل شر طرده ، ومرت الأيام وإذا بهذا الرجل يصاب بالفقر الشديد ويطلق زوجته من شدة الفقر ، وتمر الأيام وتتزوج المرأة ، وتجلس مع زوجها يتناولان الطعام ذات يوم وإذا بالباب يطرق وإذا بالطارق سائل .

وكان أمام الرجل ( زوجها الثاني ) دجاجة فقال لها زوجها : خذي الدجاجة كلها وأعطيها للسائل فلما أعطته الدجاجة رجعت حزينة باكية .

فقال لها زوجها : أحزنت لأننا تصدقنا بالدجاجة ؟

فقالت : كلا إنما أبكي أتدري من السائل ، إنه زوجي الأول .

فقال لها : أتدرين من أنا ، وأنا السائل الأول .

دع المقادير تجري في أعنتها

ما بين غمضة عين وانتباهتها

ولا تبيتن إلا خالي البالي

يغير الله من حال إلى حال

الإحسان إلى الجيران { والجار ذي القربى والجار الجنب }

Shafi 83