الداعية : نعم ذلك موجود وبينكم أيضا ، لأنكم أنتم ثلاث فرق : الفرقة الأولى ، هي التي تؤمن بفطرتها وعقلها وعلمها ، وتعلم أن لهذه المصنوعات التي تبدو ماثلة في الوجود صانعا تدل صنعته على مدى قدرته وعظمته ، وعلى جلال صفاته التي تليق به سبحانه وتعالى ، وعلى مغايرته لها جميعا المادية والروحية ، وهؤلاء يستطيعون أن يؤمنوا بالحقيقة متى أدركوها ، أي يستطيعون أن يؤمنوا بما أوحاه الله على خاتم الأنبياء ، ويعلموا أن الصنعة غير الصانع ، وحينئذ يمكنهم أن يأخذوا الوحي الإلهي من منبعه الصافي ، خاتم الكتب الإلهية القرآن المجيد .
وهنا صرخت هذه الفرقة وقالت : نؤمن بوجود الصانع العظيم ، بمعارفنا وعلومنا ، ونطلبه بإيمان وصدق وإخلاص ، ونضحي في سبيل طلبه بأنفسنا وأولادنا ولا ندخر دون ذلك مالا أو جاها أوسلطانا ، وإن انحرفت بنا عنه التقاليد والموروثات والتلقينات ، وأوصلتنا إلى اعتقاد أنه تعالى روح يحل في مصنوعاته من إنسان وحيوان وشجر وكواكب وشموس ... نعم لا ندخر وسعا دون معرفته العلمية الصحيحة ، لأننا نعتقد أن الإنحراف عن واقع تلك المعرفة والحق ، يغضب الخالق العظيم . لذلك نطلب منك أن تذكر لنا الدلائل القطعية التي تثبت أن خاتم وحي السماء القرآن ، جاء بهذه الحقيقة العلمية التي كشفتها في شجرتك مادمنا تحققنا علميا أن الصنعة غير الصانع ، وفهمنا أنه تعالى واحد أزلي أبدي ، من قبل جميع المخلوقات ، وأنه هو وحده الذي لا أول له ولا آخر ، وجميع مخلوقاته الروحية والمادية ، لها بداية ونهاية لأنها خلقه وصنعته وحده .
وهنا ، ابتسم الداعية وقال : يكفي أن تقرؤوا القرآن مرة واحدة ، وتنعموا أنظاركم في آياته آية آية لتفهموا ذلك ، وها أنا أسمعكم جانبا من الآيات البينات :
Shafi 35