وقد سره هذا الإعلان ، وصمم في نفسه ، أن يتخذ من فنه البارع وسيلة للدعوة إلى الله ، وكشف حقيقة الإيمان به ، وصلته بمخلوقاته .
من أجل هذه الغاية الشريفة ، أخذ يسهر الليالي الطوال وهو يصوغ عوالم الوجود ، المادية والروحية ، في صورة شجرة فنية رائعة ، وقد عرض فيها الأرض والشموس والأقمار والسماوات وعوالم الأرواح عرضا فنيا رائعا جدا فجعلها أغصانا متشابكة ، تحمل كرات شتى ، وأرسل بينها مختلف الإشعاعات الكهربائية المغناطيسية وسواها ، لتمثل القوى المعنوية في الوجود ، كما أرسل إشعاعات بيضاء صافية مجنحة ، تمثل الأملاك والجنة ، وأشار إلى الشياطين بأشباح سوداء مخيفة ، وقد اتخذ لشجرته هذه مكانا بارزا في صدر المعرض لتلفت الأنظار .
احتشد الناس صبيحة يوم إفتتاح المعرض ، واجتمعوا متزاحمين حول هذه الشجرة الفنية العجيبة وهم مابين بوذيين يعبدون روح بوذا الأزلية القديمة ، التي تأنست فيه وتجسدت حسب تعاليمهم ، وما بين براهمة يؤلهون روح برهمة وسيفا ، وفشنو الذين يقولون عنهم قد حل الله فيهم ، لأنهم اعتقدوا أن الله روح . ومابين مجوس يعبدون النار التي هي جزء من الشمس الحالة فيها قوة روحية ، يزعمون أنها هي الخالق العظيم . ومابين شنتويين يابانيين يعبدون روحا عامة ، يعتقدونها حالة في طبيعة اليابان وجبالها وأوديتها وأنهارها ، ومابين سياميين يعبدون الروح الحالة في الفيل الأبيض . ومابين حلوليين يعتقدون أن الله روح كلية يحل في كل ذرة من ذرات الوجود ، هي التي تسيره . ومابين ثنويين يرون العالم يدار بيد روحين كبيرتين : هما ( يزدان ) خالق الخير ، و( أهرمن ) خالق الشر ، وسوى هؤلاء كثير من أهل تلك البلاد ، كعباد النوافع والمضار والجمال ، كالبقر والأفاعي والغزلان .
Shafi 28