91

ما إن يفتن زيوس على يد هيرا ويخضعه [إله] النوم، حتى يصبح لدى بوسيدون الحرية في أن يفعل ما يشاء (أي أن يتصرف بالطريقة التي ورد وصفها في مشهد «المعركة عند السفن»). في المبارزة بين أياس وهيكتور، التي نعود إليها الآن، يضرب أياس هيكتور بحجر، وتذهب كل جهود زيوس لتنفيذ الوعد الذي قطعه على نفسه لثيتيس، في اللحظة الحاضرة، هباء؛ فبمشيئة زيوس فقط يمكن أن تكون الغلبة للطرواديين. وزيوس في سبات عميق. (18) «النيران تحيق بالسفن» (الكتاب 15)

عندما يستيقظ زيوس يتميز غيظا ويرى مسلك بوسيدون ودور زوجته فيه. وإبهاجا لجمهور هوميروس بلمحات من سلطة الذكور التي لا تقاوم، يصف زيوس معاملته القاسية لهيرا في السابق، عندما تجاوزت حدودها:

ألا تذكرين عندما علقت من عل، ومن قدميك دليت سندانين، وحول معصميك سبكت عصابة من الذهب لا يمكن كسرها؟ وتدليت معلقة في الهواء وسط السحب، وكانت الآلهة في كل أرجاء الأولمب الشاهق ساخطة، ولكنهم لم يكونوا قادرين على الاقتراب وتخليصك؟ (الإلياذة، 15، 18-22)

تقسم هيرا قسما لا ينقض أن «الأمر كله من فعل بوسيدون». أوضح زيوس موقفه بجلاء، وبنبرة ألطف يأمر بأن تتدخل إيريس هي وأبولو لقلب الأوضاع غير المرضية.

في «الإلياذة» لا يستخدم زيوس العنف أبدا مع الآلهة الآخرين، على الرغم من أنهم يتآمرون عليه باستمرار. في هذا الموقف يجمل زيوس حبكة «الإلياذة»، مؤكدا سلطته وموضحا مسلكه، بعبارات احتفظ بها هوميروس في رأسه وهو يستفيض ويتوسع بتكاسل في نظم 16 ألف بيت من الشعر:

ليقهر هيكتور الآخيين ثانية، بأن يبث فيهم رعبا شديدا مثلما فعل من قبل. حتى يهربوا ويتراجعوا بين سفن آخيل بن بيليوس كثيرة المجاديف، ولسوف يبعث آخيل رفيقه باتروكلوس، الذي مع ذلك سيقتل على يد هيكتور المجيد برمح أمام أعين سكان إليون، بعد أن يقتل باتروكلوس آخرين كثر، ومن بينهم ابني ساربيدون الوسيم. وفي فورة غضب آخيل لمصرع باتروكلوس سوف يقتل هيكتور. ومن ذلك الحين فصاعدا سوف أحدث تراجعا في صفوف الطرواديين بعيدا عن السفن أكثر وأكثر إلى أن يستولي الآخيون على إليون العالية بناء على توصيات أثينا. ولكن حتى ذلك الحين لن أكبح جماح غضبي، ولن أسمح لأي أحد آخر من الآلهة الخالدين أن يقدم العون للدانانيين هنا، إلى أن تتحقق رغبة ابن بيليوس، كما تعهدت في البدء وأومأت برأسي موافقة أيضا، في اليوم الذي أمسكت فيه الإلهة ثيتيس بركبتي، سائلة إياي أن أمجد آخيل مدمر المدن. (الإلياذة، 15، 61-77)

في توضيحه يرضخ زيوس لهيرا؛ لأنه يسلم بأنه في النهاية سوف تسقط طروادة، كما ترغب. إن زيوس مع كل ما له من قدرة لا يستطيع أن يغير ما هو مقدر له أن يكون.

بيد أن ما تحيكه هيرا السيئة الطبع من مكائد لزوجها المهدد المتوعد لم ينته، وعندما تعود إلى الأولمب تحرض الآلهة الآخرين وتثير غضب آريس، بسبب موت أحد أبنائه، حتى إن آريس يستعد للذهاب إلى السهل وخوض غمار المعركة متحديا توجيهات زيوس. فتثنيه أثينا، التي تظن أن زيوس يعني ما يقول، عن ذلك. وكذلك لا تلقى الرسولة إيريس بترحاب عندما تبلغ بوسيدون بأن يكف [عن الحرب والقتال]. إن تفهم بوسيدون لتوزيع السلطات منذ الأزل يضعه في مكانة متساوية مع زيوس ومع هاديس، ويحتج بأن كل واحد منهم يسيطر على ثلث من العالم. من الواضح أن سلطان زيوس ليس مكفولا تبعا للقواعد المنظمة للسلطات أكثر من سلطان أجاممنون. ومع ذلك فإن بوسيدون يفضل، هذه المرة، ألا يشدد على هذه النقطة.

ينعش أبولو الإله الشافي هيكتور ويعيد الآخيين - وهو يمسك «أيجيس» (الدرع) المخيف السحري أمامه، وهو أداة ترتبط عادة بزيوس أو أثينا - أدراجهم نحو السفن. قد يكون «الأيجيس»، (وتعني «جلد الماعز») في الأصل درعا بدائيا ويظهر في الفن الكلاسيكي مع ثعابين على هيئة شرابات (شراشيب) عليه رأس جورجونة. لا يريد هوميروس أن يورد ثانية وصفا لهجوم معقد على الجدار؛ لذا يدك أبولو بتلويحة من يده قسما من التحصينات. وبأمر من زيوس تمضي المعركة في مصلحة الطرواديين (على الرغم من أنك إن عددت القتلى، ستجد أمام كل قتيل من الآخيين قتيلين من الطرواديين). يذكرنا هوميروس بأن باتروكلوس لا يزال في طريقه إلى خيمة آخيل.

في قتال شرس يتراجع الآخيون إلى السفن، ويعتلي أياس الأعظم شأنا، ابن تيلامون، إحدى السفن وبحربة طولها ثلاثون قدما من الحراب التي تستخدم في المجابهات بين السفن يبعد الطرواديين حاملي النيران، مرديا اثني عشر بضربات بارعة. بيد أن النار تصل لا محالة إلى السفن. (19) «موت باتروكلوس» (الكتاب 16)

Shafi da ba'a sani ba