2-4 ). تختفي كل الرسوم التمثيلية من الفن الإغريقي حوالي عام 1150 قبل الميلاد، ولكن عندما يظهر المحاربون مرة أخرى في الفن الهندسي الخاص بالقرن الثامن قبل الميلاد، نجدهم يحملون رمحين، أقصر وأخف وزنا. لا بد وأن هذه هي الحراب التي يرميها محاربو هوميروس بعضهم على بعض. في المقابل، ما زال آخيل، أعظم المحاربين على الإطلاق، يقاتل برمح ضخم منفرد؛ ومع ذلك فإنه يقذفه، وكأنه حربة (الإلياذة، 22، 273)!
شكل 2-4: نصل خنجر من قبر عمودي في مدينة ميسينيا، وهو نوع من القبور كان يبنى قبل المقابر الشبيهة بخلية النحل، ويرجع تاريخه إلى حوالي عام 1600 قبل الميلاد. جسد الصانع اليدوي - مستعينا بمهارات بالغة التطور والتعقيد في أشغال المعادن - أربعة أشخاص يقاتلون أسدا، وذلك بواسطة الذهب والفضة اللذين طعم بهما الحديد (ويسمى هذا الأسلوب «التكفيت»). من اليسار: رماح يصوب، ودرعه، الذي يتخذ شكل رقم ثمانية في اللغة الإنجليزية، معلق على كتفه؛ ورامي سهام يصوب؛ ورماح ثان يصوب، ودرعه «العالي» معلق على كتفه؛ ورماح ثالث يغطي جسده بدرع «على شكل رقم ثمانية»، مغطى بجلد بقر مرقط؛ ومقاتل خامس يرقد جثة هامدة بين براثن الأسد، ودرعه «العالي» لا يزال منتصبا. متحف الآثار الوطني بأثينا. الصورة لصندوق مداخيل التراث، مرفق تي إيه بي.
وأخيرا، يظهر أيضا ثلاثة أسماء في لوح منقوش بالنظام الخطي باء عثر عليه في طيبة في المدخل الخاص بالبيوتيين في قائمة السفن في الكتاب الثاني من الإلياذة. وهذه الأسماء الثلاثة هي على العكس غير معروفة بتاتا، ولعلها حفظت في لغة صياغة مدبجة ما، ومررت بهذه الطريقة.
من الجلي أن مثل تلك التوصيفات تشتمل على طبقات، كما لو أن بضعة أشياء أو ممارسات من الأزمنة السابقة، ومن العصر البرونزي ذاته، قد جمدت في لغة المنشدين الملحميين المصاغة شفهيا والشديدة التنميق. يمكن تفسير العديد من المخالفات في الأوزان الشعرية في النص الشائع بأنها نتيجة لإعادة بناء للصيغ اللفظية التي لربما كانت دارجة في العصر البرونزي. ومن ثم فلا بد وأن التقليد الغنائي يعود إلى أواخر العصر البرونزي، وربما قبل ذلك بكثير.
لا يوجد لدى هوميروس، بالطبع، أي إدراك للتاريخ؛ إذ يتناول الإنشاد الشفاهي شواغل وظنون المعاصرين، الذين لا يملكون هم أيضا إدراكا للتاريخ. إذا كان المرء منشدا ملحميا، فمن المهم أن يواكب العصر، لمعرفة أحدث الأناشيد. يسارع تليماك، ابن أوديسيوس، إلى إجابة أمه بينيلوبي، التي تشتكي بشأن أنشودة فيميوس عن حرب طروادة، بقوله:
أماه، لم تعترضين على السماح للمنشد الطيب أن يدخل السرور على الناس بأي طريقة يختارها؟ إن اللائمة لا تقع على «المنشدين»، وإنما حسب ظني على زيوس، الذي يقدر للبشر الأحياء المشقات، لكل واحد حسبما يشاء. لا يمكن لأحد أن يغضب إن أنشد الرجل عن هلاك الدانانيين؛ لأن الرجال يثنون كل الثناء على تلك الأنشودة التي تطرق أسماعهم حديثا. (الأوديسة، 1، 346-352) (2) عالم هوميروس و«الدولة المدينة» الكلاسيكية القديمة
يتفق معظم الباحثين في الوقت الحاضر على أن عالم هوميروس، مع احتوائه على آثار من أزمنة سابقة، من العصر البرونزي والحديدي، هو في معظمه العالم الذي يمثل زمنه هو نفسه، أي أوائل الحقبة العتيقة في القرن الثامن قبل الميلاد، التي يطلق عليها حاليا حقبة النهضة الإغريقية. في واقع الأمر لقد ولد عالم جديد في اليونان القديمة في القرن الثامن قبل الميلاد على أنقاض الحضارة الميسينية التي انهارت قبل ذلك بثلاثمائة سنة. وإن كان في مقدورنا أن نثق في شهادة هوميروس؛ فإنه حتى الدولة المدينة، أو
polis
باليونانية، وهي النسق المميز للنظام السياسي في الحقبة الكلاسيكية، كانت آنذاك في طور النشوء.
كانت «الدولة المدينة» عبارة عن تطور لمفهوم «الأسرة المعيشية»، أو
Shafi da ba'a sani ba