Hulal Sundusiyya
الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)
Nau'ikan
82
وهي من بناء عبد الله بن إدريس، بين جبال وشعار متصلة، والمدخل إليها من مكان واحد. وبالجملة فإنها خصيبة وكثيرة المياه والفواكه، وعلى مقربة منها مدينة «قرت» وهي على سفح جبل منيع، لا سور عليها، ولها مياه كثيرة وعمارات متصلة. وأكثر زراعاتهم القمح والشعير وأصناف الحبوب. وكل هذه البلاد منسوبة إلى بلاد طنجة ومحسوبة منها. وفي جنوب البصرة على نهر «سبو» الآتي من ناحية فاس قرية كبيرة كالمدينة الصغيرة يقال لها «ماسنة» وكانت قبل هذا مدينة لها سور وأسواق وهي الآن خراب. وعلى مقربة منها مدينة «الحجر» وكانت مدينة محدثة لآل إدريس، وهي على جبل شامخ الذرى، حصينة منيعة، لا يصل أحد إليها إلا من طريق واحد، والطريق صعب المجاز، يسلكه الرجل بعد الرجل، وهي خصيبة رفهة كثيرة الخيرات، وماؤها فيها، ولها بساتين وعمارات، ومن مدينة سبتة السابق ذكرها بين جنوب وشرق إلى حصن «تطاون» مرحلة صغيرة، وهو حصن في بسيط الأرض، وبينه وبين البحر الشامي خمسة أميال. وتسكنه قبيلة من البربر تسمى مجكسة.
83
ومنه إلى «أنزلان» وهو مرسى فيه غمارة، نحو من 15 ميلا وأنزلان مرسى عامر، وهو أول بلاد غمارة. وبلاد غمارة جبال متصلة بعضها ببعض كثيرة الشجر والغياض وطولها نحو من ثلاثة أيام . ويتصل بها من ناحية الجنوب جبال «الكواكب» وهي أيضا جبال عامرة كثيرة الخصب، وتمتد في البرية مسيرة ثلاثة أيام حتى تنتهي قرب مدينة فاس. وكان يسكنها غمارة إلى أن طهر الله منهم الأرض، وأفنى جمعهم، وخرب ديارهم، لكثرة ذنوبهم، وضعف إسلامهم وكثرة جرأتهم، وإصرارهم على الزنا المباح، والمواربة الدائمة، وقتل النفس التي حرم الله بغير الحق، وذلك من الله جزاء الظالمين. وبين سبتة وفاس على طريق «زجان» ثمانية أيام. وعلى مقربة من أنزلان حصن «تقساس» على البحر، وبينهما نصف يوم، وهو حصن معمور في غمارة، لكن أهله بينهم وبين غمارة حرب دائمة، ومن تقساس إلى قصر «تاركا» وله مرسى. ومنه إلى حصن «مسيكاسه» نصف يوم. وهو لغمارة. ومن مسيكاسة إلى حصن «كركال» 15 ميلا، وهو أيضا لغمارة. ومن حصن كركال إلى مدينة «بادس» مقدار نصف يوم، وبادس مدينة متحضرة فيها أسواق وصناعات قلائل، وغمارة يلجأون إليها في حوائجهم، وهي آخر بلاد غماره، ويتصل بها هناك طرف الجبل، وينتهي طرفه الآخر في جهة الجنوب، إلى أن يكون بينه وبين بلد بني «تاوده» أربعة أميال، وكان بهذا الجبل قوم من أهل «مزكلدة» أهل جرأة وسفاهة وتجاسر على من جاورهم، فأبادهم سيف الفتنة، وأراح الله منهم. ومن مدينة بادس إلى مرسى «بوزكور» 20 ميلا، وكانت مدينة فيما سلف لكنها خربت ولم يبق لها رسم، وتسمى في كتب التواريخ «نكور» وبين بوز كور وبادس جبل متصل يعرف بالأجراف، ليس فيه مرسى، ومن بوزكور إلى المزمة 20 ميلا، وكانت به قرية عامرة ومرسى توسق المراكب منه. ومن المزمة إلى واد بقربها، ومنه إلى طرف «ثغلال» 12 ميلا. وهذا الطرف يدخل في البحر كثيرا، ومنه إلى مرسى «كرط» 20 ميلا وبشرقي كرط واد يأتي من جهة «صاع» ومن كرط إلى طرف جون داخل في البحر 20 ميلا، ومن كرط إلى مدينة «مليلة» في البحر 12 ميلا، وفي البر 20 ميلا.
ومدينة مليلة مدينة حسنة متوسطة ذات سور منيع وحال حسنة على البحر، وكان لها قبل هذا عمارات متصلة وزراعات كثيرة، ولها بئر فيها عين ألزلية كثيرة الماء ومنها شربهم، ويحيط بها من قبائل البربر بطون بطوية.
ومن مليلة إلى مصب الوادي الذي يأتي من «آقرسيف» 20 ميلا، وأمام مصب هذا النهر جزيرة صغيرة. ويقابل هذا الموضع من البرية مدينة «جراو» ومن مصب وادي آقرسيف إلى مرسى «تافركنيت» على البحر، وعليه حصن منيع صغير 40 ميلا. ومن تافركنيت إلى حصن تابحريت ثمانية أميال، وهو حصن حصين، حسن عامر آهل وله مرسى مقصود. ومن تابحريت إلى «هنين» على البحر 11 ميلا ومنها إلى «تلمسان» في البر 40 ميلا. وفيما بينهما مدينة «ندرومة» وهي مدينة كبيرة عامرة آهلة، ذات سور وسوق، موضعها في سند، ولها مزارع ولها واد يجري في شرقيها، وعليه بساتين وجنات وعمارة وسقي كثير.
وهنين مدينة حسنة صغيرة في نحر البحر، وهي عامرة، عليها سور متقن وأسواق وبيع وشراء، وخارجها زراعات كثيرة، وعمارات متصلة، ومن هنين على الساحل إلى مرسى «الوردانية» ستة أميال، ومنها إلى جزيرة «القشقار» ثمانية أميال، ومنها إلى جزيرة «إرشقول» ويروي «أرجكون» وكانت فيما سلف حصنا عامرا له مرسى وبادية وسعة في الماشية والأموال السائمة، ومرساها في جزيرة فيها مياه ومواجل كثيرة للمراكب، وهي جزيرة مسكونة، ويصب بحذائها نهر ملوية ومن مصب الوادي إلى حصن «أسلان» ستة أميال على البحر، ومنه إلى طرف خارج في البحر 20 ميلا، ويقابل الطرف في البحر جزيرة الغنم، وبين جزائر الغنم وأسلان 12 ميلا. ومن جزائر الغنم إلى بني وزار 17 ميلا، وبنو وزار حصن منيع في جبل على البحر، ومنه إلى «الدفالي» وهو طرف خارج في البحر 12 ميلا، ومن طرف الدفالي إلى طرف «الحرشة» 12 ميلا، ومنه إلى «وهران» 12 ميلا. وقد ذكرنا وهران وأحوالها فيما صدر من ذكر الإقليم الثالث، والله المستعان.
فلنرجع الآن إلى ذكر الأندلس ووصف بلادها، ونذكر طرقاتها، وموضوع جهاتها، ومقتضى حالاتها، ومبادئ أوديتها، ومواقعها من البحر، ومشهور جبالها وعجائب بقعها، ونأتي من ذلك بما يجب بعون الله تعالى فنقول:
أما الأندلس في ذاتها فشكل مثلث يحيط بها البحر من جميع جهاتها الثلاث، فجنوبها يحيط به البحر الشامي ، وغربها يحيط به البحر المظلم، وشمالها يحيط به بحر الأنقليشيين
84
Shafi da ba'a sani ba