Hulal Sundusiyya
الحلل السندسية في الأخبار والآثار الأندلسية (الجزء الأول)
Nau'ikan
661
مهيأة للاستبداد. فملكها بأيسر محاولة، مع الجهل المفرط، وضعف الرأي. وكان مع العامة كأنه صاحب شعوذة، يمشي في الأسواق، ويضحك في وجوههم، ويبادرهم بالسؤال، وجاء للناس منه ما لم يعتادوه من سلطان، فأعجب ذلك سفهاء الناس وعامتهم العمياء، وكان كما قيل:
أمور يضحك السفهاء منها
ويبكي من عواقبها الحليم
فآل ذلك إلى تلف القواعد العظيمة، وتملك الأمصار الجليلة، وخروجها من يد الإسلام، والضابط فيما يقال في شأن أهل الأندلس في السلطان، أنهم إذا وجدوا فارسا يبرع الفرسان، أو جوادا يبرع الأجواد، تهافتوا في نصرته، ونصبوه ملكا من غير تدبير في عاقبة الأمر، إلام يؤل؟ وبعد أن يكون الملك في مملكة قد توورثت وتدوولت، ويكون في تلك المملكة قائد من قوادها، قد شهرت عنه وقائع في العدو، وظهر منه كرم نفس للأجناد، ومراعاة، قدموه ملكا في حصن من الحصون، ورفضوا عيالهم وأولادهم إن كان لهم ذلك بكرسيي الملك، ولم يزالوا في جهاد وتلاف أنفس، حتى يظفر صاحبهم بطلبته. وأهل المشرق أصوب رأيا منهم في مراعاة نظام الملك، والمحافظة على نصابه، لئلا يدخل الخلل الذي يقضي باختلال القواعد، وفساد التربية، وحل الأوضاع، ونحن نمثل في ذلك بما شاهدناه.
لما كانت هذه الفتنة الخيرة بالأندلس، تمخضت عن رجل من حصن يقال له أرجونة، ويعرف الرجل بابن الأحمر، كان يكثر مغاورة العدو من حصنه، وظهرت له مخايل وشواهد على الشجاعة، إلى أن طار اسمه في الأندلس، وآل ذلك إلى أن قدمه أهل حصنه على أنفسهم، ثم نهض فملك قرطبة العظمى، وملك أشبيلية، وقتل ملكها الباجي، وملك جيان، أحصن بلد بالأندلس، وأجله قدرا في الامتناع، وملك غرناطة ومالقة، وسموه بأمير المسلمين. فهو الآن المشار إليه بالأندلس والمعتمد عليه.
وأما قاعدة الوزارة بالأندلس فإنها كانت في مدة بني أمية مشتركة في جماعة يعينهم صاحب الدولة للإعانة والمشاورة ويخصهم بالمجالسة، ويختار منهم شخصا لمكان النائب المعروف بالوزير، فيسميه بالحاجب، وكانت هذه المراتب لضبطها عندهم كالمتوارثة في البيوت المعلومة
662
لذلك، إلى أن كانت ملوك الطوائف، فكان الملك منهم، لعظم اسم الحاجب في الدولة المروانية، وأنه كان نائبا عن خليفتهم يسمى بالحاجب.
663
Shafi da ba'a sani ba