وقلنا: "من جهة الخبر" احتراز ممن أخبر بما يعلمه الإنسان ضرورة فإنه يقع له العلم، لكن ليس من جهة الخبرية.
مثل أن يخبرك إنسان أن الاثنين أكثر من الواحد، وأن الضدين لا يجتمعان، فإن العلم الضروري يقع لك بما أخبر به، ولكن ليس من جهة خبره، بل من جهة علمك به.
فبهذه الخاصية يتميز العلم الواقع بخبر التواتر أنه لا يقع إلا من جهة المخبرين به، ولولا ذلك لم يقع العلم بما أخبروا به. وما قدمناه من الخبر بأن الاثنين أكثر من الواحد، وأن الضدين لا يجتمعان يقع العلم بمخبره ضرورة، سواء أخبر به أو لم يخبر به، ولا تأثير لخبره في شيء من ذلك. واللَّه أعلم.
المسند: ما اتصل اسناده.
معنى ذلك أن يتصل نقل الرواة له، فيخبر كل واحد منهم بمن نقل إليه، إلى أن يتصل ذلك إلى الصحابي ﵁ الذي نقله عن النبي ﷺ.
فإن أخلّ فيه بذكر واحد من رواته، سواء كان الصحابي أو غيره فهو مرسل. ومعنى ذلك أنه قد أهمل فيه ذكر بعض رواته واحد كان أو أكثر من ذلك.
الموقوف: ما وقف به على الراوي ولم يبلغ به النبي ﷺ.
ومعنى ذلك أنه وقف على الصحابي ﵁ أو غيرة من رواته، فجعل من قوله، ولم يرفع ولا وصل إلى النبي ﷺ بإسناد أو إرسال.
وهذه الألفاظ كلها على حسب المواضعة بين أهل الصناعة. وقصرهم لها على هذا النوع مما تحتمله دون سائر محتملاتها.
الإجماع: اتفاق علماء العصر على حكم الحادثة.
لفظ الإجماع إذا أطلق في الشرع اقتضى ما ذكرناه، ويقتضي إجماع جماعة على غير ذلك من الآراء والأقوال والأعمال. إلا أن عرف الاستعمال عند الفقهاء جرى على حسب ما قدمناه أولًا، فلا يفسر الحد بغير ذلك مما لا يستعمل فيه عند الفقهاء إلا بقرينة.
وهذا الحد على مذهب من يرى أن الإجماع ينعقد بعد الاختلاف. فأما على مذهب من يقول إن موت المخالف وإجماع الباقين بعده لا ينعقد به الإجماع، فلا بد
1 / 117