الواضح- من خلال التشابه الموجود فعلا بين نصوص الإصطخري وحدود العالم- أنه يوجد مصدر مشترك نقل منه الاثنان بشكل تنتقى فيه الأسطر أحيانا وتهمل أسطر أخرى. ترى أيوجد من هو أكثر قربا إلى الاثنين من أبي زيد البلخي وكتابه الذي يدعى صور الأقاليم حينا، وأشكال البلاد حينا آخر، وتقويم البلدان تارة؟
لقد راعينا في ترجمتنا هذه أن نستخدم الألفاظ والمصطلحات الجغرافية المتداولة في كتب الجغرافيا العربية كي نشيع في نصوصه نكهة التراث العريق. أما الهوامش فقد سعينا إلى أن لا نثقل الكتاب بها إلا ما كان غامضا مثل جزيرة الواقواق التي شغلت الباحثين عقودا وما زالت، أو جزيرة النساء.
أما الأرقام التي تشاهد في بداية عناوين الفصول وبدايات بعض الفقرات فقد نقلناها عن الترجمة الإنجليزية للكتاب التي نهض بعبئها العلامة فلاديمير مينورسكي.
آمل أن أكون قد وفقت في عملي هذا ولا أظنه خاليا من النقص الذي لا يخلو منه بنو الإنسان، فالكمال لله سبحانه.
كنت قد كتبت في مقدمتي لكتاب البلدان لابن الفقيه الذي صدر ببيروت سنة (١٩٩٦) بأنني أعيش الألف عام الأولى من العزلة بلا وطن ولا هوية خارج الجغرافيا والتاريخ، وأحس اليوم أنني أعيش الألف الثانية من العزلة مهيض الجناحين رهين الغربتين، أحاور الأموات الذين يطلون برءوسهم من أوراق مؤلفاتهم يمدون لي يد العون بعد أن يئست من الأحياء.
رجب ١٤١٩ نوفمبر ١٩٩٨ يوسف الهادى
1 / 20