المبحث الثالث
حكمة التشريع في حد قاذف الحر دون العبد (١):
وفي معرض رده أيضًا على من قال أن الشريعة قد جمعت بين المختلفين وفرقت بين المتماثلين قال في بيان حكمة التشريع في حد قاذف الحر دون قاذف العبد: (وأما جلد قاذف الحر دون العبد فتفريق لشرعه بين ما فرق الله بينهما بقدره:
فما جعل الله سبحانه العبد كالحر من كل وجه لا قدرًا ولا شرعًا.
وقد ضرب الله سبحانه لعباده الأمثال التي أخبر فيها بالفارق بين الحر والعبد، وأنهم لا يرضون أن تساويهم عبيدهم في أرزاقهم.
فالله ﷾ فضل بعض خلقه على بعض، وفضل الأحرار على العبيد
في الملك وأسبابه والقدرة على التصرف.
وجعل العبد مملوكًا والحر مالكًا، ولا يستوي المالك والمملوك.
وأما التسوية بينهما في أحكام الثواب والعقاب فذلك موجب العدل والإحسان، فإنه يوم الجزاء لا يبقى هناك عبد ولا حر ولا مالك ولا مملوك) .
وابن القيم رحمه الله تعالى في إظهار محاسن التشريع في هذا التفريق يشترك مع غيره من المتقدمين في ذلك كالقرطبي ويشاركه غيره من المتأخرين كابن حجر ومن ذلك ما يلي:
قول القرطبي المالكي:
قال القرطبي رحمه الله تعالى في كتابه (الجامع لأحكام القرآن) (٢):