200

Hudud and Ta'zir in Ibn al-Qayyim's Thought

الحدود والتعزيرات عند ابن القيم

Mai Buga Littafi

دار العاصمة للنشر والتوزيع

Lambar Fassara

الثانية ١٤١٥ هـ

Nau'ikan

فمن هذا النص نرى ابن القيم رحمه الله تعالى يرد دعوى التفريق بين الحد بالرمي بالزنا دون الرمي بالكفر بإبراز حكمة التشريع في حد القذف ومدارها على: عدم القدرة من المقذوف بنفي ما رمى به من الزنا فجعل حد القذف تكذيبًا للقاذف. وتبرئة للمقذوف. وتعظيما لشأن هذه الفاحشة التي تبهرج المجتمع. وتلطخه بالعار والمعرة. ولا سبيل للمقذوف ظلمًا إلى نفي ما قذف به من الزنا إلا بمجرد التكذيب للقاذف، وهذا غير مقنع لنفوس البشر ولا يكون مذهبًا لتشعب ظنونهم فجعل الله حد الفرية لكف هذه الآثام وحماية لمجتمع الإسلام من أن يزن بريبة أو يرمى بنقيصة. فتبقى أعراض المسلمين محترمة تحت ستر الله ورحمته، الألسنة عنها مقفلة والظنون عنها محجمة وبذلك يكون الإسلام قد حفظ للمسلمين ضرورة من ضروريات معاشهم وقيام مدنيتهم وذلك بحفظ أعراضهم وصيانتها فأوجب حد القذف ثمانين جلدة للقاذف الكاذب الجاني بكذبه الزمن، على حرمة الأعراض تقويضًا لمعنوياتهم وإدخالًا لعنصر الفساد في مصلحة تعايشهم قال الله تعالى (١): (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدًا وأولئك هم الفاسقون) . ولهذا عظم الله سبحانه معصية القذف بعشر آيات متواليات من سورة النور تكذيبًا لقصة الإفك (٢) على عائشة ﵂ فقال تعالى (٣): (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرًا لكم بل هو خير لكم. لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم) الآيات. قال الحافظ بن حجر في (فتح الباري) (٣): (قال الزمخشري) (٤): لم يقع في القرآن من التغليظ من معصية ما وقع في معصية

(١) الآية رقم ٤ سورة النور. (٢) الآية رقم ١١ سورة النور إلى الآية رقم ٢٢. (٣) انظر: ٨/٤٧٧. (٤) الزمخشري هو: محمود بن عمر بن محمد الخوارزمي المتوفى سنة ٥٣٨ هـ. صاحب التفسير المشهور باسم (الكشاف) (انظر: الأعلام للزركلي ٨/ ٥٥) .

1 / 209