196

Hudud and Ta'zir in Ibn al-Qayyim's Thought

الحدود والتعزيرات عند ابن القيم

Mai Buga Littafi

دار العاصمة للنشر والتوزيع

Lambar Fassara

الثانية ١٤١٥ هـ

Nau'ikan

كما جاء عنه في صحيح أبي حاتم (١) وفي السنن فلما رآها عرفها وكان يراها قبل نزول الحجاب فاسترجع وأناخ راحلته فقربها إليها فركبتها، وما كلمها كلمة واحدة، ولم تسمع منه إلا استرجاعه ثم سار بها يقودها حتى قدم بها وقد نزل الجيش في نحر الظهيرة. فلما رأى ذلك الناس تكلم كل منهم بشاكلته وما يليق به. ووجد الخبيث عبد الله ابن أبي متنفسًا فتنفس من كرب النفاق والحسد الذي بين ضلوعه. فجعل يستحكي الإفك ويستوشيه ويشيعه ويذيعه ويجمعه ويفرقه، وكان أصحابه يتقربون به إليه. فلما قدموا المدينة أفاض أهل الإفك في الحديث ورسول الله ﷺ ساكت لا يتكلم ثم استشار أصحابه في فراقها. فأشار عليه علي ﵁ أن يفارقها ويأخذ غيرها تلويحًا لا تصريحًا وأشار إليه أسامة وغيره بإمساكها وألا يلتفت إلى كلام الأعداء. وقد حبس الوحي عن رسول الله ﷺ شهرًا في شأنها ثم جاء الوحي ببراءتها فأمر رسول الله ﷺ بمن صرح بالإفك فحدوا ثمانين ثمانين ولم يحد الخبيث عبد الله ابن أبي مع أنه رأس الإفك) (٣) . الحكم والغايات المحمودة في هذه القصة (٤): وقد أشار ابن القيم رحمه الله تعالى في تضاعيف سياقه للقصة إلى جملة من الحكم

(١) أبو حاتم: هو محمد بن إدريس الرازي. أحد الحفاظ مات سنة ٢٧٧ هـ. (انظر التقريب لابن حجر ٢/١٤٣) . (٢) هو: رأس المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول هلك سنة تسع من الهجرة (انظر: تفسير ابن كثير ٢/٣٧٨ في تفسير قوله تعالى (ولا تصل على أحد منهم ماتَ أبدًا) الآية ٩٤ سورة التوبة. (٣) هذا السياق استخلصته من كلام ابن القيم المطول في ذلك فليتنبه. (٤) انظر: زاد المعاد ٢/١١٣-١١٤- ١١٥. وانظر: فتح الباري لابن حجر ٨/٤٦٨- ٤٦٩

1 / 205