فضحكت، ولكنها قالت بعطف: لا يجوز أن يقلق جندي لأسباب تجيئه من المدينة!
وانطفأت الأنوار بغتة، كأنما ماتت بسكتة؛ فغرق الطريق في ظلام دامس. وهللت هتافات شابة مهرجة في عبث ومجون، وصرصرت آلات التنبيه بالسيارات. توترت أعصاب إبراهيم، واجتاح رأسه أصداء أوامر خاطفة بالاستعداد والقبوع في المواقع، ولكن جاءه صوت عليات ناعما، وهي تقول: تنطفئ الأنوار كثيرا لأسباب مجهولة.
فاسترد راحته، وقبض على يدها، فتراجع بها، حتى لامس ظهراهما جدار المشرب، وسألها: أيطول ذلك؟ - من دقيقة لساعة. وأنت وحظك!
وسرعان ما ألفت عيناه الظلام، فرجع يسألها: بم تنصحينني؟ - ننتظر حتى يعود النور. - أعني سنية!
فضحكت قائلة: سنية .. تزوجها إن كنت تحبها. - الحب ليس المشكلة!
فسألته ساخرة: بم نحكم عليك لو أخذنا بماضيك؟ - ليس الرجل كالمرأة!
فضربت الأرض بقدمها غيظا، ولكنها لم تنبس، فعاد يقول: لا تريدين أن تعطيني رأيا قاطعا!
فقالت بحدة: قلت إنها ممتازة، فتزوجها إن كنت تحبها. - سأقابلها صباح الغد.
فضحكت عليات وتساءلت: لماذا يطفئون الأنوار إذا كانت أمهر المؤامرات تدبر في رابعة النهار؟
4
Shafi da ba'a sani ba