عهد بالفيلم إلى المخرج أحمد رضوان، فأتم المراحل الباقية منه محافظا ما أمكن على أسلوب محمد رشوان. وحظي مرزوق أنور بإعجاب المخرج الجديد، لدرجة لم يتوقعها، فبعثت فيه روح الأمل من جديد. وكان أحمد رضوان مخرجا ناجحا، غزير العقود، عرف في ميدانه بسرعة الإنجاز مع الإتقان، وحسن التوفيق لدى الجماهير، فانفتحت أمام مرزوق أبواب العمل. وقال له أحمد رضوان: أنت فنان موهوب، وسأجعل منك الخليفة الحق لأنور وجدي!
فاهتز مرزوق طربا، وحلم بالمجد، فعاد يقول له: ولكن لا تجمد نفسك في نمط، النمطية مفيدة، ولكن المرونة خير وأبقى، المرونة التي أعنيها أن تمثل الشيء ونقيضه، الطيب والشرير، ولك البطولة في الحالين.
وتنهد في حزن وقال: لم يكن كذلك رأي المرحوم محمد رشوان.
ثم وهو يهز رأسه في أسى: كان لطيفا وراح هدرا، أنت تقول إنك تعرف منى شقيقة القاتل؟ - معرفة سطحية جدا، ولكنها صديقة شقيقتي وخطيبتي. - أتصدق ما ادعته في التحقيق؟
فهز منكبيه، وقال: سمعت همسا يقول إنه كانت توجد علاقة جنسية بين القاتل والقتيل؟!
فذهل مرزوق، وقال: ولكن المرحوم .. أعني أنني لم أسمع عنه .
فقاطعه: ما علينا، سيكشف التحقيق عن الحقيقة، الله يرحمه، لا يجوز أن يذكر بسوء وهو بين يدي الله.
وكانا يجلسان بمطعم الاستوديو، فانضمت إلى مجلسهما فتاة بلا استئذان، فقدمه إليها، ثم قدمها قائلا: فتنة ناضر، نجمة جديدة مثلك، ولكنها لمعت في سماء الفن منذ عام.
وكان مرزوق يعرفها من صورها، كما علم بعلاقتها الخاصة بأحمد رضوان عن طريق المرحوم محمد رشوان. وكانت ذات جمال خاص لا يدرك من أول وهلة، ولكنه نافذ الأثر. خيل إليه أنه يوجد قدر من عدم التناسب بين قسماتها، ولكن جاذبيتها طاغية. وجسمها يميل للصغر في جملته، ولكنه في حدوده مليء ورشيق وجنسي إلى أبعد الحدود. وكان أحمد رضوان في الخامسة والخمسين، والدا لفتاة متزوجة من موظف في السلك الدبلوماسي، وشاب مهندس في بعثة في الاتحاد السوفيتي. واتسم غرامه بجنون الكهولة. و«فتنة» في الأصل جامعية، ومعروف في الوسط أنها عشيقة لثري عربي يدعى الشيخ يزيد، فرش لها شقة في الدور العشرين بعمارة النيل، ولم يكن يزور القاهرة، إلا في مواسم أو عابرا، وقال له أحمد: «فتنة» موهبة سخية، وستعمل معها في الفيلم القادم.
وربت على يدها بحنان، وقال مخاطبا مرزوق: ومن مزاياها أنها شقيقة ضابط شهيد، فقد في حرب يونيو.
Shafi da ba'a sani ba