Ƙaunar Ibn Abi Rabia da Waƙoƙinsa
حب ابن أبي ربيعة وشعره
Nau'ikan
وما دام شبابنا يسمعون عن المرأة كما يسمعون عن الغول والعنقاء، ولا يرونها حين يرونها إلا قذرة دنسة في بيوت الرجس والبغاء، فهيهات أن تتفتح أذهانهم، أو تزهر قرائحهم، أو تظهر على آثارهم الأدبية مسحة التيقظ والتفكير، وتلك الرءوس التي تتولى هداية الشرق في هذا العصر لا تدري - مع الأسف الشديد - أن الصلة وثيقة بين الأدب وبين الحياة، إن لم يكن الأدب روح الحياة، وأنه لا أمل في أن نرى لكاتب قصة جيدة، ما دام الكتاب بعيدين كل البعد عن المرأة التي تلون الوجود بشتى الألوان، فتحيله تارة جحيما يرمي بالفزع والهول، ثم تعيده حين تشاء جنة وارفة الظلال، وكيف تكون لنا آداب قوية تمثل فضائلنا ورذائلنا، وحلمنا وجهلنا، وطيشنا ورزانتنا، وعقلنا وجنوننا، ونحن نحرص على الطيبة والاستقامة في غير فهم ولا تبصر، أسوة بغلف القلوب من سماسرة الأديان وأدعياء الأخلاق؟!
إنه لا حياة للآداب إلا إذا شغلتنا بأنفسنا، وحدثتنا عن مطامعنا، وأهوائنا، وعيوبنا، ومظان الخير فينا، وأرتنا كيف نحب وكيف نبغض، ومتى نقدم، ومتي نحجم، وعلمتنا كيف نجد، وكيف نلهو، ومتى نقسو، ومتى نلين، أما الأدب الذي يصدر عن رجل مشعوذ معتوه، كل إحساس في رأيه إثم، وكل إدراك عنده فسوق، فهو أدب ميت سخيف لا يقوى به عقل، ولا يسمو به خيال.
وإني لأخشى إن استمر أساتذة الأدب على الاكتفاء بلون واحد يقدمونه إلى الطلبة في كل يوم، أخشى إن استمروا على ذلك أن يصارحهم الطلبة بالقطيعة والفراق! •••
وبعد فهل يسمح القارئ بأن نتجنب تلك الخطة العوجاء، ونقبل على الأدب نتذوق أطايبه، ونعرف حلوه ومره، وحزونه وسهوله، كما كان يفعل القدماء من رجال اللغة العربية، وكما يفعل أهل الغرب في أدبهم الحديث؟
إذ سمح القارئ بذلك شرعنا في بيان تلك الناحية الطريفة من حياة عمر بن أبي ربيعة؛ وهي: تصيده للنساء، وأخبار من كان يعرف من الملاح، ومعاذ الله أن نريد بهذا البحث أن تشيع الفاحشة، أو تحلو في أعين الناس مذاهب الفجور.
إنما نريد أن نقبل عامدين على الجوانب المرحة التي تزخر بها الآداب العربية، حتى لا يسهل رميها بالفقر والجفاف، كلما حلت هذه الفرية لخصومها الجاهلين.
نريد أن يكون لنا في دراسة الشعراء العشاق نصيب ضئيل من الحرية التي ينعم بها الكتاب الفرنسيون وهم يدرسون ميسيه، والكتاب الإنجليز وهم يدرسون بيرون، والكتاب الألمان وهم يدرسون جوت.
وإنا لمكتفون في الحديث عن معشوقات عمر بن أبي ربيعة بما استباحه المؤلفون القدماء، أمثال: صاحب «الأغاني»، وصاحب «الأمالي»، وصاحب «زهر الآداب»، ومن إليهم ممن ترجموا هذا الشاعر الغزل، وتحدثوا عمن كان يهوى من ربات الحجال.
1
ولن يكون ذلك من اللهو الصرف، فهو على طرافته جد في جد، إذ يكشف لنا عن نفسية ذلك الشاعر، ويرينا الفتن التي أرهفت إحساسه، وألهبت روحه، حتى أغرم بالحسن، وحبس شعره على الحسان.
Shafi da ba'a sani ba