والرجل الجدير بالتقدير هو الذي يعرف كيف يقدر الحب دون أن ينسى أن الحب مجرد حادث في الحياة، ولما يصير تحت رقية سحره، يتمتع به ويستثمره من غير أن ينسى أن الحقائق المؤلمة لا تزال أسمى وأعظم من أعذب الأوهام وأحلاها.
فإن رجلا كهذا يعرف كيف يختار أو يصبر بحكمة، أو يحب بثبات، أو يبذل نفسه دون أن يظهر ضعفا. •••
ويدفعنا الكلام عن الحب إلى الحديث عن مراحله ووسائله.
يرى أندريه موروا أن الحب يبدأ عادة بتصادم نفسي يوجده الإعجاب أو العطف أو الرغبة.
يتبع الصدمة وتأثيرها عنصر «الغياب» فهو من أهم العوامل في تنمية الحب؛ لأنه لا يكشف لنا عن مواطن الضعف في شخص المحبوب.
بعد هذه المرحلة يعدو المحبوب في نظرنا شخصا آخر ممتازا، وهذا ما يعبر عنه «بروست» بقوله: «نحن لا نحب أشخاصا حقيقيين بقدر ما نحب في الواقع الأشخاص الذين ابتكرناهم في خيالنا؛ لأن الجمال يكمن حقيقة في عيوننا نحن.»
والحب في هذه المرحلة عبارة عن سعادة مطلقة، لا تبقى نيرانه متقدة إلا بالأمل وبعض التشجيع، بنظرة مثلا، أو كلمة ثناء ومديح.
ويحدثنا أندريه موروا عن وسائل الحب فيقول: «إن التزين والتبرج وسيلة شائعة للفت النظر، فكما تجذب الأزهار بألوانها الحشرات كي تلقحها في الوقت المناسب، كذلك المرأة تتحلى بأفخر الثياب وأنفس الجواهر كي يعجب بها الرجل ويقع عليها اختياره.»
ومن وسائل جذب نظر الجنس الآخر محاولة القيام بما يعجز عنه الآخرون، فكل عاشق يحاول جهده كي يثبت براعته الخارقة في فنه.
وتنشد المرأة أيضا الأمان والحماية، وهي لذلك تختار كل من تتوسم فيه أنه أكفأ من غيره لتحقيق بغيتها هذه.
Shafi da ba'a sani ba