غير أن شكسبير ينصح المحبين قائلا: «إن قسا عليك الحب فاقس عليه ... أوخز الحب كما يوخزك؛ فبذا تنتصر على الحب.»
ما أشقى المحبين وإن ظنهم الناس سعداء! انظر إلى ما كتبه هذا الرجل إلى صديقه: «نم يا صديقي ملء جفنيك واهنأ بالحلم السعيد، استرح واستكن وتمتع بالنوم العميق، واتركني وحيدا أسير الهموم والأوهام، فريسة القلق والأرق. اتركني وحيدا أعد النجوم وهي تفر أمام ناظري. اتركني وحدي أمزق قلبي على مذبح التضحية حزنا على فراقها، وأسفا على بعادها، وهي بريئة من دنسي وأنا أيضا من دنسها.»
وهكذا كلما زاد حب الرجل زاد عليه الألم مهما كان صحيح الجسم. ولا يشقى غير المحب العاشق، ولا يوجد - على حد قول جورج إليوت - أبدع وأعذب من امتزاج الألم واللذة في ذلك الذي نطلق عليه لفظة «حب».
هناك من الناس من يعتقد أنه يستطيع أن يخلق السعادة بآلام حب عنيف، فالحب جوه جو عاصف مضطرم لا يؤذن بخير، ولا يثبت أمام عوامل الزمن ، ولكنه مع ذلك يجعلنا سعداء، ولكن إلى فترة وجيزة سرعان ما تنقضي وتخلف وراءها ألف حسرة.
ومهما كان الحب سعيدا متبادلا، فهو أبدا محاط بالريب والشكوك والغيرة والأنانية، والخوف من غدر المستقبل. فيقول لاسال: «ليس الحب سوى أنانية شخصية.» ويقول بلزاك: «عندما يدخل الحب من الباب، تندفع الأنانية من الشباك.»
فالحب بلا جدال أنانية بين اثنين.
ما أسعد البشر لو أن الحب الذي يسوس السموات يسوس عقولهم!
الحب مفتاح السعادة، ولولاه لما تذوق إنسان غبطة الوجود، ولما انتشى بخمرة الحياة.
ويصف جبران خليل جبران سعادة الحب بأنها ترتعش. وهو يرى أن المال مصدر شرور الإنسان، بينما الحب هو مصدر السعادة والنور.
وعلى أية حال، فمهما بلغت الأخطار، ومهما اشتدت الرزايا، ومهما عظمت مشقات الحب، فهو كلمة لذيذة، كأن ضيقه فرج، وعبوسه طلاقة، ومشقته سهولة، ومرارته حلاوة. إنه هو وحده سعادة المرء في دنياه.
Shafi da ba'a sani ba